responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 81

فإن قلت فلم قال اللّه تعالى اعملوا و إلا فأنتم معاقبون مذمومون على العصيان،و ما إلينا شيء فكيف نذم؟و إنما الكل إلى اللّه تعالى.فاعلم أن هذا القول من اللّه تعالى سبب لحصول اعتقاد فينا.و الاعتقاد سبب لهيجان الخوف.و هيجان الخوف سبب لترك الشهوات و التجافي عن دار الغرور.و ذلك سبب للوصول إلى جوار اللّه،و اللّه تعالى مسبب الأسباب و مرتبها .فمن سبق له في الأزل السعادة يسر له هذه الأسباب،حتى يقوده بسلسلتها إلى الجنة.و يعبر عن مثله بأن كلا ميسر لما خلق له.و من لم يسبق له من اللّه الحسني بعد عن سماع كلام اللّه تعالى،و كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم،و كلام العلماء،فإذا لم يسمع لم يعلم.و إذا لم يعلم لم يخف.و إذا لم يخف لم يترك الركون إلى الدنيا.و إذا لم يترك الركون إلى الدنيا بقي في حزب الشيطان،و إن جهنم لموعدهم أجمعين.فإذا عرفت هذا تعجبت من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل .فما من أحد إلا و هو مقود إلى الجنة بسلاسل الأسباب، و هو تسليط العلم و الخوف عليه.و ما من مخذول إلا و هو مقود إلى النار بسلاسل،و هو تسليط الغفلة و الأمن و الغرور عليه.فالمتقون يساقون إلى الجنة قهرا،و المجرمون يقادون إلى النار قهرا.و لا قاهر إلا اللّه الواحد القهار ،و لا قادر إلا الملك الجبار.و إذا انكشف الغطاء عن أعين الغافلين فشاهدوا الأمر كذلك،سمعوا عند ذلك نداء المنادى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّٰهِ الْوٰاحِدِ الْقَهّٰارِ [1]و لقد كان الملك للّٰه الواحد القهار كل يوم،لا ذلك اليوم على الخصوص.و لكن الغافلين لا يسمعون هذا النداء إلا ذلك اليوم.فهو نبأ عما يتجدد للغافلين من كشف الأحوال،حيث لا ينفعهم الكشف.فنعوذ باللّه الحليم الكريم من الجهل و العمى،فإنه أصل أسباب الهلاك

بيان
تمييز ما يحبه اللّه تعالى عما يكرهه

اعلم أن فعل الشكر و ترك الكفر لا يتم إلا بمعرفة ما يحبه اللّه تعالى عما يكرهه.إذ معنى الشكر استعمال نعمه تعالى في محابه،و معنى الكفر نقيض ذلك،إما بترك الاستعمال


[1] غافر:16

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست