responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 39

العظام من اللحوم،فقد حملت الأرض و الجبال فدكتا دكة واحدة.فإذا رمت العظام،فقد نسفت الجبال نسفا.فإذا أظلم قلبك عند الموت،فقد كورت الشمس تكويرا .فإذا بطل سمعك و بصرك و سائر حواسك،فقد انكدرت النجوم انكدارا،فإذا انشق دماغك،فقد انشقت السماء انشقاقا.فإذا انفجرت من هول الموت عرق جبينك،فقد فجرت البحار تفجيرا.فإذا التفت إحدى ساقيك بالأخرى و هما مطيتاك،فقد عطلت العشار تعطيلا.

فإذ فارقت الروح الجسد،فقد حملت الأرض فمدت،حتى ألقت ما فيها و تخلت و لست أطول بجميع موازنة الأحوال و الأهوال.و لكني أقول:بمجرد الموت تقوم عليك هذه القيامة الصغرى،و لا يفوتك من القيامة الكبرى شيء مما يخصك،بل ما يخص غيرك فإن بقاء الكواكب في حق غيرك ما ذا ينفعك،و قد انتثرت حواسك التي بها تنتفع بالنظر إلى الكواكب؟و الأعمى يستوي عنده الليل و النهار،و كسوف الشمس و انجلاؤها،لأنها قد كسفت في حقه دفعة واحدة،و هو حصته منها.فالانجلاء بعد ذلك حصة غيره.و من انشق رأسه فقد انشقت سماؤه،إذ السماء عبارة عما يلي جهة الرأس ،فمن لا رأس له لا سماء له فمن أين ينفعه بقاء السماء لغيره؟ فهذه هي القيامة الصغرى،و الخوف بعد أسفل،و الهول بعد مؤخر.و ذلك إذا جاءت الطامة الكبرى،و ارتفع الخصوص،و بطلت السموات و الأرض،و نسفت الجبال،و نمت الأهوال و اعلم أن هذه الصغرى و إن طولنا في وصفها،فإنا لم نذكر عشر عشير أوصافها.و هي بالنسبة إلى القيامة الكبرى كالولادة الصغرى بالنسبة إلى الولادة الكبرى.فإن للإنسان ولادتين:إحداهما الخروج من الصلب و الترائب إلى مستودع الأرحام،فهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم ،و له في سلوكه إلى الكمال منازل و أطوار،من نطفة، و علقة،و مضغة،و غيرها،إلى أن يخرج من مضيق الرحمن إلى فضاء العالم.فنسبة عموم القيامة الكبرى إلى خصوص القيامة الصغرى،كنسبة سعة فضاء العالم إلى سعة فضاء الرحم و نسبة سعة العالم الذي يقدم عليه العبد بالموت إلى سعة فضاء الدنيا،كنسبة فضاء الدنيا أيضا إلى الرحم،بل أوسع و أعظم فقس الآخرة بالأولى،فما خلقكم و لا بعثكم إلا كنفس واحدة و ما النشأة الثانية إلا على قياس النشأة الأولى.بل أعداد النشآت ليست محصورة في اثنتين.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست