responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 126

منه جدا.و لما كانت العقول التي بها يحصل التكليف،و بها تدرك مصالح الدنيا،عقولا قاصرة عن ملاحظة كنه هذا الأمر،لم يأذن اللّه تعالى لرسوله صلّى اللّه عليه و سلم أن يتحدث عنه،بل أمره أن يكلم الناس على قدر عقولهم.و لم يذكر اللّه تعالى في كتابه من حقيقة هذا الأمر شيئا،لكن ذكر نسبته و فعله،و لم يذكر ذاته.أما نسبته ففي قوله تعالى مِنْ أَمْرِ رَبِّي [1]و أما فعله فقد ذكر في قوله تعالى يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي [2]و لنرجع الآن إلى الغرض،فإن المقصود ذكر نعم اللّه تعالى في الأكل،فقد ذكرنا بعض نعم اللّه تعالى في آلات الأكل

الطرف الرابع
في نعم اللّه تعالى في الأصول التي يحصل منها الأطعمة

و تصير صالحة لأن يصلحها الآدمي بعد ذلك بصنعته .اعلم أن الأطعمة كثيرة، و للّٰه تعالى في خلقها عجائب كثيرة لا تحصى،و أسباب متوالية لا تتناهى.و ذكر ذلك في كل طعام مما يطول.فإن الأطعمة إما أدوية،و إما فواكه،و إما أغذية.فلنأخذ الأغذية فإنها الأصل،و لنأخذ من جملتها حبة من البر،و لندع سائر الأغذية فنقول:

إذا وجدت حبة أو حبات،فلو أكلتها فنيت و بقيت جائعا.فما أحوجك إلى أن تنمو الحبة في نفسها،و تزيد و تتضاعف،حتى تفي بتمام حاجتك.فخلق اللّه تعالى في حبة الحنطة من القوى ما يغتذي به كما خلق فيك.فإن النبات إنما يفارقك في الحس و الحركة، و لا يخالفك في الاغتذاء،لأنه يتغذى بالماء،و يجتذب إلى باطنه بواسطة العروق ،كما تغتذي أنت و تجتذب.و لسنا نطنب في ذكر آلات النبات في اجتذاب الغذاء إلى نفسه و لكن نشير إلى غذائه فنقول:كما أن الخشب و التراب لا يغذيك،بل تحتاج إلى طعام مخصوص،فكذلك الحبة لا تغتذي بكل شيء،بل تحتاج إلى شيء مخصوص.بدليل أنك لو تركتها في البيت لم تزد،لأنه ليس يحيط بها إلا هواء،و مجرد الهواء لا يصلح


[1] الاسراء:85

[2] الفجر:27-29

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست