responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 85

إلا من المرموقين المشهورين،و هو عين الحماقة .فان العلم سبب النجاة و السعادة.و من يطلب مهربا من سبع ضار يفترسه لم يفرق بين أن يرشده إلى الهرب مشهور أو خامل،و ضراوة سباع النار بالجهال باللّٰه تعالى أشد من ضراوة كل سبع.فالحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها،و يتقلد المنة لمن ساقها إليه كائنا من كان،فلذلك قيل:


العلم حرب للفتى المتعالي كالسيل حرب للمكان العالي
فلا ينال العلم إلا بالتواضع و إلقاء السمع.قال اللّٰه تعالى: (إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ) .و معنى كونه ذا قلب أن يكون قابلا للعلم فهما ثم لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقى السمع و هو شهيد حاضر القلب،ليستقبل كل ما ألقى إليه بحسن الإصغاء و الضراعة و الشكر و الفرح و قبول المنة.فليكن المتعلم لمعلمه كأرض دمثة نالت مطرا غزيرا فشربت جميع أجزائها،و أذعنت بالكلية لقبوله .و مهما أشار عليه المعلم بطريق في التعلم فليقلده و ليدع رأيه،فان خطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه،إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب سماعها مع أنه يعظم نفعها ،فكم من مريض محرور يعالجه الطبيب في بعض أوقاته بالحرارة ليزيد في قوّته إلى حد يحتمل صدمة العلاج،فيعجب منه من لا خبرة له به.

و قد نبه اللّٰه تعالى بقصة الخضر و موسى عليهما السلام حيث قال الخضر : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً، وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلىٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) ثم شرط عليه السكوت و التسليم فقال:

(فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاٰ تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتّٰى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) ثم لم يصبر و لم يزل في مراودته إلى أن كان ذلك سبب الفراق بينهما.و بالجملة كل متعلم استبقى لنفسه رأيا و اختيارا دون اختيار المعلم فاحكم عليه بالإخفاق و الخسران.فان قلت:فقد قال اللّٰه تعالى: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ) فالسؤال مأمور به فاعلم أنه كذلك،و لكن فيما يأذن المعلم في السؤال عنه،فان السؤال عما لم تبلغ مرتبتك الى فهمه مذموم،و لذلك منع الخضر موسى عليه السلام من السؤال،أي دع السؤال قبل أوانه فالمعلم أعلم بما أنت أهل له،و بأوان الكشف،و ما لم يدخل أوان الكشف في كل درجة من مراقى الدرجات لا يدخل أوان السؤال عنه.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست