responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 40

الناس فلا تغفل عن الصحابة و علو منصبهم،فقد أجمع الذين عرّضت بذكرهم على تقدمهم، و أنهم لا يدرك في الدين شأوهم و لا يشق غبارهم ،و لم يكن تقدّمهم بالكلام و الفقه،بل بعلم الآخرة و سلوك طريقها،و ما فضل أبو بكر[1]رضى اللّٰه عنه الناس بكثرة صيام و لا صلاة و لا بكثرة رواية و لا فتوى و لا كلام و لكن بشيء وقر في صدره،كما شهد له سيد المرسلين صلى اللّٰه عليه و سلم.فليكن حرصك في طلب ذلك السرّ ،فهو الجوهر النفيس و الدّر المكنون، و دع عنك ما تطابق أكثر الناس عليه و على تفخيمه و تعظيمه لأسباب و دواع يطول تفصيلها ، فلقد قبض رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن آلاف من الصحابة رضى اللّٰه عنهم كلهم علماء باللّٰه أثنى عليهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم،و لم يكن فيهم أحد يحسن صنعة الكلام،و لا نصب نفسه للفتيا منهم أحد،إلا بضعة عشر رجلا.و لقد كان ابن عمر رضي اللّٰه عنهما منهم ،و كان إذا سئل عن الفتيا يقول للسائل:اذهب إلى فلان الأمير الذي تقلد أمور الناس وضعها في عنقه.

إشارة إلى أن الفتيا في القضايا و الأحكام من توابع الولاية و السلطنة.و لما مات عمر رضى اللّٰه عنه قال ابن مسعود :مات تسعة أعشار العلم،فقيل له:أ تقول ذلك و فينا جلة الصحابة؟فقال:

لم أرد علم الفتيا و الأحكام إنما أريد العلم باللّٰه تعالى،أ فترى أنه أراد صنعة الكلام و الجدل ؟فما بالك لا تحرص على معرفة ذلك العلم الذي مات بموت عمر تسعة أعشاره؟و هو الذي سد باب الكلام و الجدل،و ضرب ضبيعا بالدرّة لما أورد عليه سؤالا في تعارض آيتين في كتاب اللّٰه، و هجره و أمر الناس بهجره.

و أما قولك:إن المشهورين من العلماء هم الفقهاء و المتكلمون ،فاعلم أن ما ينال به الفضل عند اللّٰه شيء،و ما ينال به الشهرة عند الناس شيء آخر،فلقد كان شهرة أبي بكر الصديق رضى اللّٰه عنه بالخلافة،و كان فضله بالسر الذي وقر في قلبه.و كان شهرة عمر رضى اللّٰه عنه بالسياسة، و كان فضله بالعلم باللّٰه الذي مات تسعة أعشاره بموته،و بقصده التقرّب إلى اللّٰه عز و جل في ولايته،و عدله و شفقته على خلقه ،و هو أمر باطن في سره.فأما سائر أفعاله الظاهرة فيتصور صدورها من طالب الجاه و الاسم و السمعة و الراغب في الشهرة،فتكون الشهرة فيما هو المهلك، و الفضل فيما هو سرّ لا يطلع عليه أحد.فالفقهاء و المتكلمون مثل الخلفاء و القضاة و العلماء،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست