responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 162

ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئا فشيئا ،فابتداؤه الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد و الايقان و التصديق به،و ذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان.فمن فضل اللّٰه سبحانه على قلب الإنسان أن شرحه في أول نشوّه للإيمان من غير حاجة إلى حجة و برهان،و كيف ينكر ذلك و جميع عقائد العوام مباديها التلقين المجرد و التقليد المحض،نعم يكون الاعتقاد الحاصل بمجرد التقليد غير خال عن نوع من الضعف في الابتداء،على معنى أنه يقبل الإزالة بنقيضه لو ألقى إليه،فلا بد من تقويته و إثباته في نفس الصبي و العامي حتى يترسخ و لا يتزلزل،و ليس الطريق في تقويته و إثباته أن يعلم صنعة الجدل و الكلام،بل يشتغل بتلاوة القرءان و تفسيره ،و قراءة الحديث و معانيه،و يشتغل بوظائف العبادات،فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخا بما يقرع سمعه من أدلة القرءان و حججه،و بما يرد عليه من شواهد الأحاديث و فوائدها،و بما يسطع عليه من أنوار العبادات و وظائفها،و بما يسرى إليه من مشاهدة الصالحين و مجالستهم،و سيماهم و سماعهم و هيئاتهم في الخضوع للّٰه عز و جل و الخوف منه و الاستكانة له،فيكون أول التلقين كإلقاء بذر في الصدر،و تكون هذه الأسباب كالسقى و التربية له حتى ينمو ذلك البذر و يقوى و يرتفع شجرة طيبة راسخة أصلها ثابت و فرعها في السماء و ينبغي أن يحرس سمعه من الجدل و الكلام غاية الحراسة ،فان ما يشوشه الجدل أكثر مما يمهده،و ما يفسده أكثر مما يصلحه،بل تقويته بالجدل تضاهي ضرب الشجرة بالمدقة من الحديد رجاء تقويتها بأن تكثر أجزاؤها و ربما يفتتها ذلك و يفسدها و هو الأغلب،و المشاهدة تكفيك في هذا بيانا،فناهيك بالعيان برهانا فقس عقيدة أهل الصلاح و التقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين و المجادلين،فترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تحركه الدواهي و الصواعق،و عقيدة المتكلم الحارس اعتقاده بتقسيمات الجدل كخيط مرسل في الهواء تفيئه الرياح مرة هكذا و مرة هكذا،الا من سمع منهم دليل الاعتقاد فتلقفه تقليدا،كما تلقف نفس الاعتقاد تقليدا إذ لا فرق في التقلد بين تعلم الدليل أو تعلم المدلول،فتلقين الدليل شيء و الاستدلال بالنظر شيء آخر بعيد عنه ثم الصبي إذا وقع نشوه على هذه العقيدة ان اشتغل بكسب الدنيا لم ينفتح له غيرها،و لكنه يسلم في الآخرة باعتقاد أهل الحق،إذ لم يكلف الشرع أجلاف العرب أكثر من التصديق الجازم بظاهر هذه العقائد،فأما البحث و التفتيش و تكلف نظم الأدلة فلم يكلفوه أصلا.و إن

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست