responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 127

و ثمرة هذا اليقين صدق المراقبة في الحركات و السكنات و الخطرات،و المبالغة في التقوى،و التحرز عن كل السيئات،و كلما كان اليقين أغلب كان الاحتراز أشد و التشمير أبلغ

و من ذلك اليقين بأن اللّٰه تعالى مطلع عليك في كل حال

،و مشاهد لهواجس ضميرك و خفايا خواطرك و فكرك،فهذا متيقن عند كل مؤمن بالمعنى الأول و هو عدم الشك،و أما بالمعنى الثاني و هو المقصود فهو عزيز يختص به الصدّيقون.و ثمرته أن يكون الإنسان في خلوته متأدبا في جميع أحواله ،كالجالس بمشهد ملك معظم ينظر إليه،فإنه لا يزال مطرقا متأدبا في جميع أعماله،متماسكا محترزا عن كل حركة تخالف هيئة الأدب،و يكون في فكرته الباطنة كهو في أعماله الظاهرة،إذ يتحقق أن اللّٰه تعالى مطلع على سريرته كما يطلع الخلق على ظاهره، فتكون مبالغته في عمارة باطنه و تطهيره و تزيينه بعين اللّٰه تعالى الكائنة أشد من مبالغته في تزيين ظاهره لسائر الناس ،و هذا المقام في اليقين يورث الحياء و الخوف و الانكسار،و الذل و الاستكانة و الخضوع،و جملة من الأخلاق المحمودة.و هذه الأخلاق تورث أنواعا من الطاعات رفيعة،فاليقين في كل باب من هذه الأبواب مثل الشجرة.و هذه الأخلاق في القلب مثل الأغصان المتفرعة منها.و هذه الأعمال و الطاعات الصادرة من الأخلاق كالثمار و كالأنوار المتفرعة من الأغصان.فاليقين هو الأصل و الأساس ،و له مجار و أبواب أكثر مما عددناه.و سيأتي ذلك في ربع المنجيات،إن شاء اللّٰه تعالى.و هذا القدر كاف في معنى اللفظ الآن

و منها-أن يكون حزينا منكسرا مطرقا صامتا

،يظهر أثر الخشية على هيئته و كسوته و سيرته و حركته و سكونه و نطقه و سكوته،لا ينظر إليه ناظر إلا و كان نظره مذكر اللّٰه تعالى،و كانت صورته دليلا على عمله،فالجواد عينه مرآته،و علماء الآخرة يعرفون بسيماهم في السكينة و الذلة و التواضع.و قد قيل:ما ألبس اللّٰه عبدا ألبسة أحسن من خشوع في سكينة، فهي لبسة الأنبياء،و سيما الصالحين و الصديقين و العلماء و أما التهافت في الكلام و التشدّق،و الاستغراق في الضحك و الحدة في الحركة و النطق فكل ذلك من آثار البطر،و الأمن و الغفلة عن عظيم عقاب اللّٰه تعالى و شديد سخطه ،و هو دأب أبناء الدنيا الغافلين عن اللّٰه دون العلماء به.و هذا لأن العلماء ثلاثة كما قال سهل التّسترى رحمه اللّٰه:عالم بأمر اللّٰه تعالى لا بأيام اللّٰه،و هم المفتون في الحلال و الحرام ،و هذا العلم لا يورث الخشية،و عالم باللّٰه تعالى لا بأمر اللّٰه و لا بأيام اللّٰه،و هم عموم المؤمنين،و عالم باللّٰه تعالى و بأمر اللّٰه

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست