responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 125

بالموت مع أنه لا شك فيه،و يقال:فلان قوى اليقين في إتيان الرزق مع أنه قد يجوز أنه لا يأتيه.فمهما مالت النفس إلى التصديق بشيء و غلب ذلك على القلب و استولى حتى صار هو المتحكم و المتصرف في النفس بالتجويز و المنع،سمى ذلك يقينا .و لا شك في أن الناس مشتركون في القطع بالموت و الانفكاك عن الشك فيه،و لكن فيهم من لا يلتفت إليه،و لا إلى الاستعداد له،و كأنه غير موقن به .و منهم من استولى ذلك على قلبه حتى استغرق جميع همه بالاستعداد له و لم يغادر فيه متسعا لغيره،فيعبر عن مثل هذه الحالة بقوّة اليقين.و لذلك قال بعضهم:ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت.و على هذا الاصطلاح يوصف اليقين بالضعف و القوّة .و نحن إنما أردنا بقولنا:إن من شأن علماء الآخرة صرف العناية إلى تقوية اليقين بالمعنيين جميعا،و هو نفى الشك،ثم تسليط اليقين على النفس حتى يكون هو الغالب المتحكم عليها المتصرف فيها فإذا فهمت هذا علمت أن المراد من قولنا إن اليقين ينقسم ثلاثة أقسام،بالقوّة و الضعف، و الكثرة و القلة،و الخفاء و الجلاء،فأما بالقوّة و الضعف فعلى الاصطلاح الثاني،و ذلك في الغلبة و الاستيلاء على القلب،و درجات معانى اليقين في القوّة و الضعف لا تتناهى،و تفاوت الخلق في الاستعداد للموت بحسب تفاوت اليقين بهذه المعاني .و أما التفاوت بالخفاء و الجلاء في الاصطلاح الأول فلا ينكر أيضا،أما فيما يتطرق إليه التجويز فلا ينكر،أعنى الاصطلاح الثاني،و فيما انتفى الشك أيضا عنه لا سبيل إلى إنكاره،فإنك تدرك تفرّقة بين تصديقك بوجود مكة و وجود فدك مثلا،و بين تصديقك بوجود موسى و وجود يوشع عليهما السلام مع أنك لا تشك في الأمرين جميعا،إذ مستندهما جميعا التواتر:و لكن ترى أحدهما أجلى و أوضح في قلبك من الثاني،لأن السبب في أحدهما أقوى و هو كثرة المخبرين،و كذلك يدرك الناظر هذا في النظريات المعروفة بالأدلة،فإنه ليس وضوح ما لاح له بدليل واحد كوضوح ما لاح له بالأدلة الكثيرة مع تساويهما في نفى الشك،و هذا قد ينكره المتكلم الذي يأخذ العلم من الكتب و السماع و لا يراجع نفسه فيما يدركه من تفاوت الأحوال.و أما القلة و الكثرة فذلك بكثرة متعلقات اليقين،كما يقال:فلان أكثر علما من فلان،أي معلوماته أكثر،و لذلك قد يكون العالم قوى اليقين في جميع ما ورد الشرع به،و قد يكون قوى اليقين في بعضه فان قلت:قد فهمت اليقين و قوته و ضعفه،و كثرته و قلته،و جلاءه و خفاءه،بمعنى نفى

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست