responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 101

حتى قال: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) فكذلك العالم الفاجر، فان بلعام أوتي كتاب اللّٰه تعالى فأخلد إلى الشهوات،فشبه بالكلب،أي سواء أوتي الحكمة أو لم يؤت فهو يلهث إلى الشهوات

و قال عيسى عليه السلام: مثل علماء السوء كمثل صخرة وقعت على فم النهر لا هي تشرب الماء و لا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع.و مثل علماء السوء مثل قناة الحش ظاهرها جص و باطنها نتن ،و مثل القبور ظاهرها عامر و باطنها عظام الموتى فهذه الأخبار و الآثار تبين أن العالم الذي هو من أبناء الدنيا أخس حالا و أشد عذابا من الجاهل،و أن الفائزين المقربين هم

علماء الآخرة،و لهم علامات:

فمنها أن لا يطلب الدنيا بعلمه

،فان أقل درجات العالم أن يدرك حقارة الدنيا و خستها و كدورتها و انصرامها،و عظم الآخرة و دوامها و صفاء نعيمها و جلالة ملكها،و يعلم أنهما متضادتان،و أنهما كالضرتين مهما أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى ،و أنهما ككفتي الميزان مهما رجحت إحداهما خفت الأخرى،و أنهما كالمشرق و المغرب مهما قربت من أحدهما بعدت عن الآخر،و أنهما كقدحين أحدهما مملوء و الآخر فارغ،فبقدر ما تصب منه في الآخر حتى يمتلئ يفرغ الآخر،فان من لا يعرف حقارة الدنيا و كدورتها و امتزاج لذتها بألمها ثم انصرام ما يصفو منها،فهو فاسد العقل ،فان المشاهدة و التجربة ترشد إلى ذلك،فكيف يكون من العلماء من لا عقل له؟و من لا يعلم عظم أمر الآخرة و دوامها فهو كافر مسلوب الايمان،فكيف يكون من العلماء من لا إيمان له؟و من لا يعلم مضادة الدنيا للآخرة،و أن الجمع بينهما طمع في غير مطمع،فهو جاهل بشرائع الأنبياء كلهم،بل هو كافر بالقرءان كله من أوله إلى آخره ، فكيف يعد من زمرة العلماء؟و من علم هذا كله ثم لم يؤثر الآخرة على الدنيا فهو أسير الشيطان قد أهلكته شهوته و غلبت عليه شقوته،فكيف يعد من حزب العلماء من هذه درجته؟

و في أخبار داود عليه السلام حكاية عن اللّٰه تعالى: إن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن أحرمه لذيذ مناجاتى.يا داود لا تسأل عني علما قد أسكرته الدنيا فيصدّك عن طريق محبتي،أولئك قطاع الطريق على عبادي.يا داود إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما.يا داود من رد إلىّ هاربا كتبته جهبذا،و من كتبته جهبذا لم أعذبه أبدا».

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست