لكنّ المفروض أنّ دليل حجيّة الظهور ليس إلاّ بناء العقلاء،و ليس من قبل الشارع إلاّ الإمضاء،و لا معنى للبناء العقلائي إلاّ العمل و هو إمّا على طبق الظهور العمومي،و لو كان في قباله خاص و هو خلف،و خلاف الواقع.
و أما على طبق ما ليس في قباله خاص،فحينئذٍ لا مقتضى إثباتاً للعام الّذي في قباله خاص و لا موقع لإمضائه شرعاً.
فكما يقال:لم يثبت إمضاء الشارع لبناء العقلاء على اتّباع الخبر،أو على الجري على الحالة السابقة،فهو غير تام الاقتضاء.
كذلك يقال:لا بناء من العقلاء على اتباع هذا الظهور العمومي،المنافي لبنائهم عملاً على اتباع الخبر،و الجري على الحالة السابقة،فلا موقع لإمضائه شرعاً،فكلّ من العام و ما يقابله غير تامّ الاقتضاء من وجه.
و أما ما ذكرنا-في باب حجية الظاهر [1]الّذي قام ظن معتبر عند العقلاء على خلافه-من أنّ النهي عن اتّباع ذلك الظن شرعاً إذا كان مطلقاً كان امراً باتّباع الظاهر الّذي يقابله بالالتزام العرفي فيكون دليل الحجية ابتداء لا إمضاء فهو غير جار هنا،لأن النهي عن الخبر-مثلاً-بنفس هذا الظاهر،الّذي لا بناء من العقلاء على اتّباعه،و لا يعقل أن يكون هذا الظاهر أمراً باتّباع نفسه.
و عليه فحيث لا بناء من العقلاء على اتّباع هذا الظاهر،و لا حكم من الشارع باتّباعه،لا إمضاء و لا ابتداء،فلا رادع من بناء العقلاء على العمل بالخبر،أو بمقتضى الحالة السابقة،فيكون هذا البناء تام الاقتضاء و العم غير تام.