responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 304

المأمورون بأن يمتازوا و ليس إلا أهل النار الذين هم أهلها و هم المشركون لا عن نظر فيكون أخذهم بالعفو في الزمان لأن زمان العقاب محصور فإذا ارتفع بقي عليهم حكم الزمان الذي لا نهاية لأبده فزمان عذابهم قليل بالإضافة إلى حكم الزمان الذي يؤول إليه أمرهم فهو عفو عز و جل بما يعطي من قليل العذاب و هو عفو بما يعطي من كثير المغفرة و التجاوز فإنه عز و جل قد أمرنا بالعفو و التجاوز و الصفح عمن أساء إلينا و هو أولى بهذه الصفة منا و لذلك كان أجر العافين على اللّٰه لكونه عَفُوًّا غَفُوراً و ما قرن مغفرته حين أطلقها بتوبة و لا عمل صالح بل قال يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ لاٰ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فبالغ و ما خص إسرافا من إسراف و لا دارا من دار فلا بد من شمول الرحمة و المغفرة على من أسرف على نفسه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الرءوف حضرة الرأفة)



رءوف رحيم لا يكون مؤاخذا عبيدا أتاه راجيا متلهفا
من أجل ذنوب قد أتاها بغفلة و لو كانت الأخرى أتى متكلفا
فإن شئت عفوا لا تؤاخذه إنه أتى مستجيرا سائلا متكففا
و ما جاء إلا من غنى سؤاله لذاك يراه سائلا متلطفا
فيقنع منا باليسير لفقرنا فنثرى له من كونه متعففا

[الإيمان بالله]

هي لعبد الرءوف وصف الحق عبده محمدا ص بأنه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فقيده بالإيمان و لم يقيد الايمان فهذا تقييد في إطلاق فإنه قال في الايمان إنه مؤمن صاحبه بالحق و الباطل و هو قوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ و ذكر ما ذكر فسماهم مؤمنين و ما كانوا مؤمنين إلا بالباطل فأمرهم أن يؤمنوا بالله و هو الحق و رسوله وَ الْكِتٰابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلىٰ رَسُولِهِ وَ الْكِتٰابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ فدل على أنه ما خاطب أهل الكتاب فقط فإنه أمرهم بالإيمان بالكتاب الذي أنزل من قبل و لا شك أنهم به مؤمنون أعني علماء أهل الكتاب ثم قيد الكفر هنا و لم يقيد الايمان فقال وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللّٰهِ فقيد في الذكر ما أمر به عبده أن يؤمن به و ما تعرض في الذكر للكفر المطلق كما أطلق الايمان و نعتهم به في قوله يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و ما كانوا مؤمنين إلا بالباطل فإن المؤمن بالله لا يقال له آمن بالله فإنه به مؤمن و إن احتمل أن يؤمن به لقول هذا الرسول الخاص على طريق القربة و لكن التحقيق في ذلك ما ذهبنا إليه و لا سيما و الحق قد أطلق اسم الايمان على من آمن بالباطل و اسم الكفر على من كفر بالطاغوت

[الرأفة من القلوب]

و اعلم أن الرأفة من القلوب مثل جبذ و جذب كذلك رأف و رفأ و هو من الإصلاح و الالتئام فالرأفة التئام الرحمة بالعباد و لذلك نهي عنها في إقامة الحدود لا كل الحدود و إنما ذلك في حد الزاني و الزانية إذا كانا بكرين إلا عند من يرى الجمع بين الحدين على الثيب و أكثر العلماء على خلاف هذا القول و ليس المقصود إلا قوله وَ لاٰ تَأْخُذْكُمْ يعني ولاة الأمر بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ و دين اللّٰه جزاؤه ثم قال إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ فحص لأنه ثم من يؤمن بالباطل وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يقول إقامة اللّٰه حدوده في اليوم الآخر كأنه يقول لولاة الأمر طهروا عبادي في الدنيا قبل أن يفضحوا على رءوس الأشهاد و لذلك قال في هؤلاء وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ينبه أن أخذهم في الآخرة على رءوس الأشهاد فتعظم الفضيحة فإقامة الحدود في الدنيا أستر فأمر الوالي بإقامة الحد نكالا من الزاني كما هو نكال في حق السارق و بين ذلك فطهارته كما قال أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ كذلك إقامة الحد إذا لم يكن نكالا فإنه طهارة و إن كان نكالا فلا بد فيه من معقول الطهارة لأنه يسقط عنه في الآخرة بقدر ما أخذ به في الدنيا فسقط عن الزاني النكال و ما سقط عن السارق فإن السارق قطعت يده و بقي مقيدا بما سرق لأنه مال الغير فقطع يده زجر و ردع لما يستقبل و بقي حق الغير عليه فلذلك جعله نكالا و النكل القيد فما زال من القيد مع قطع يده و ما تعرض في حد الزاني إلى شيء من ذلك و

قد ورد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست