responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 302



فإن لم تكن تره
فذاتي له وطاء
و إن صاحب الوجود فقد جاء أنشره
فقلوب العارفين مدافن الحق كما ظواهرهم مجاليه و إنه في نفس قلوب عباده من حيث إن قلوبهم محل العلم به ثم إنهم لا يراعون حرمته و لا يقفون عند حدوده فهو فيهم كالميت في قبره لا حكم له فيه بل الحكم للقبر فيه بكونه أكنه و ستره عن أعين الناظرين كذلك حكم الطبع إذا ظهر بخلاف الشرع فإن الشرع ميت في حقه في ذلك الزمان و هكذا يظهر الحق في الرؤيا و لقد رأيت رسول اللّٰه ص في النوم ميتا في موضع عاينته بالمسجد الجامع بإشبيلية فسألت عن ذلك الموضع فوجدته مغصوبا فكان ذلك موت الشرع فيه حيث لم يتملك بوجه مشروع فاستناد الموت و الدفن إلى الحق في قلوب الغافلين فهو فيها كأنه لا فيها وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(التواب حضرة التوبة)

و هي الرجوع من المخالفة إلى الموافقة

ألا إن المتاب هو الرجوع فتب ترجع لتوبتك الشئون
إذا تابعت شخصا في فلاة فأنت لما تتابعه تكون
و إن كان الظهور له بوجه فمن وجه يكون له الكمون
له منا التحرك في جهات و لي منه الإقامة و السكون
و ليس له سواى من معين إذا شاء المؤيد و المعين

[التوبة هي الرجوع من المخالفة إلى الموافقة]

يدعى صاحبها عبد التواب من هذه الحضرة تاب التائبون فله الرجعة الأولى ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا فما رجع إليهم إلا ليرجعوا و كل معلل علة الحق فإنه واقع كما أنه كل ترج من اللّٰه واقع فالرجعة الأولى من اللّٰه على العبد هي التي يعطيه الحق فيها الإنابة إليه فإذا رجع العبد إليه بالتوبة رجع الحق إليه غير الرجوع الأول و هو الرجوع بالقبول فإن اللّٰه لا يقبل معاصي عباده هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ و الطاعات و هذا من رحمته بعباده فإنه لو قبل المعاصي لكانت عنده في حضرة المشاهدة كما هي الطاعات فلا يشهد الحق من عباده إلا ما قبله و لا يقبل إلا الطاعات فلا يرى من عباده إلا ما هو حسن محبوب عنده و يعرض عن السيئات فلا يقبلها فإن صاحب السيئة ما عملها على طريق القربة و لو عملها على طريق القربة لكان جهلا و افتراء على اللّٰه و كفرا صراحا فلا يقبلها حتى لا تكون عنده في موضع الشهود فيقع حساب العبد على ما أساء في الديوان الإلهي على أيدي الملائكة إذا أمر الحق بمحاسبته و أمر الملائكة أصحاب الديوان أن يتجاوزوا عن المتجاوزون أن اللّٰه طيب لا يقبل إلا طيبا و لا بد لكل إنسان من أمر طيب يكون عليه لأنه لا بد أن يكون على مكارم خلق بأي وجه كان و مكارم الأخلاق كلها عند اللّٰه فلا بد أن يكون لكل عبد عند اللّٰه شفيع فإذا استوفى أهل ديوان المحاسبة ما بأيديهم في حق عبد من العباد و فعلوا فيه ما اقتضاه أمره معهم و فرغ من ذلك و رفع الأمر إلى اللّٰه راجعا كما قال وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ لا يجد العبد عند ربه إلا ما قبله منه فشكره اللّٰه على ما عنده منه فأكرمه و نعمه فيقول العبد ربي أكرمني و ما عنده علم بما قبل اللّٰه منه من طيب خلق كان عليه و سواء كان في أي دار كان فإن له فيها نعيما مقيما ما دام ذلك الطيب عند اللّٰه و هو لا يزال عند اللّٰه فلا يزال هذا العبد في نعيم في نفسه و إن ظهر عند غيره أنه في عذاب فهو في نفسه في نعيم و هو أو لمراد المعتبر في هذا الأمر فإذا اتفق أن يؤخذ التائب فما يأخذه إلا الحكيم لا غيره من الأسماء فإذا لم يؤاخذ فإنما يكون الحكم فيه للرحيم فإن اللّٰه تَوّٰابٌ رَحِيمٌ بطائفة و تَوّٰابٌ حَكِيمٌ بطائفة و الكل نواب الحق تعالى

توبة اللّٰه أولا تجعل العبد تائبا
فإذا تاب عبده جعل الحق تائبا
فيكون العبيد عن صفة الحق نائبا
لم يزل حال كل من تاب للعفو طالبا
أعظم التوب أن يكون عن التوب راغبا
فإذا كنت تائبا كن عن الفعل جانبا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست