responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 300

فنقول إنه أمر وجودي من حيث إنه يرانا كما قلنا فينا من حيث إنا ندركه فالأمر واحد فقد حرنا فينا و فيه فمن نحن و من هو و قد قال له بعضنا أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قٰالَ لَنْ تَرٰانِي و قال عن نفسه أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ و خبره صدق

[أن اللّٰه يرى]

و قد أعلم أن بعض العالم يعلم أن اللّٰه يرى ثم قال بآلة الاستدراك فعطف وَ لٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكٰانَهُ فَسَوْفَ تَرٰانِي ثم تجلى للجبل فاندك الجبل و لا أدري عن رؤية أو عن مقدمة رؤية لا بل عن مقدمة رؤية و صعق موسى عن تلك المقدمة فَلَمّٰا أَفٰاقَ قٰالَ(سُبْحٰانَكَ)تُبْتُ أي رجعت إلى الحالة التي لم أكن سألتك فيها الرؤية وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي المصدقين بقولك لَنْ تَرٰانِي فإنه ما نزل هذا القول ابتداء إلا علي فإنا أول المؤمنين به ثم يتبعني في الايمان به من سمعه إلى يوم القيامة فما ظهر لطالب الرؤية و لا للجبل لأنه لو رآه الجبل أو موسى لثبت و لم يندك و لا صعق فإنه تعالى الوجود فلا يعطي إلا الوجود لأن الخير كله بيديه و الوجود هو الخير كله فلما لم يكن مرئيا أثر الصعق و الاندكاك و هي أحوال فناء و الفناء شبيه بالعدم و الحق لا يعدم عدم العين و لكن يكون عنه العدم الإضافي و هو الذهاب و الانتقال فينقلك أو يذهبك من حال إلى حال مع وجود عينك في الحالين من مكان إلى مكان مع وجود عينك في كل واحد منهما و بينهما و هو قوله إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ... وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ فالإتيان بصفة القدرة و الذهاب بالإرادة من حيث ما هو ذهاب خاصة و هذه التفاصيل في غير مفصل لا يكون و ليس من شأن المفصل الوجود فإنا نفصل المعدوم إلى محال و إلى ممكن مع كونه معدوما و بقي الكلام فيمن يفصله و الكلام عليه مثل الكلام في الرائي و المرئي و قد تقدم فما ذا نقول أو ما نعول عليه فرأينا أن نترك الأمر على حاله كان ما كان إذ الأغراض حاصلة و الإدراكات واقعة و اللذات حاكمة و الشهود دائم و النعيم به قائم و دع يكون ما يكون من عدم أو وجود أو حق أو خلق بعد أنه لا ينقصنا شيء مما نحتاج إليه لا نبالي و لو وقع الإخبار الإلهي لكان الكلام فيه و النظر على ما هو عليه الآن لا يزيد الأمر و لا ينقص فإنه إذا ورد فلا بد من سمع يتعلق به ذلك الخطاب و فهم و مدلول و متكلم و سامع و هذا عين ما كنا فيه فترك ذلك أولى و نقول ما يقول كل قائل فإن الأمر كله عين واحدة في الحيرة في ذلك فكله صدق ما هو باطل فإنه واقع في الذهن و في العين و في جميع الإدراكات فالجنوح إلى السلم أولى بالإنسان ف‌ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ يعني في الاعتبار و الإشارات هذه الخواطر التي أدتك إلى النظر فيما أنت مستغن عنه فأنزلهم الحق هنا منزلة الأعداء لأهل الإشارات ف‌ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ و هو الصلح بأن يترك الأمر على ما هو عليه و لا يخاض فيه فاتك إنما تخوض فيه لكونه آية من اللّٰه عليه و قد قال وَ إِذٰا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيٰاتِنٰا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتّٰى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ و ليس إلا الاشتعال بما نأكل و نشرب و ننكح و تتصرف فيه من الأعمال المسروعة التي تؤدي إلى السعادة الأخروية و ما هذه الأمور قلنا لا ندري إنما نعمل كما أمرنا لنصل إلى ما قيل لنا فإنا ما كذبنا بل رأينا ما مضى كله حق لم يختل شيء منه كذلك ما بقي و قد جنحوا للسلم فأمرنا اللّٰه فقال لنبيه ص فَاجْنَحْ لَهٰا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فالعاقل يقول بالسمع و الطاعة لأمر اللّٰه و هذه حالة معجلة و راحة

فليس الظهور سوى ما ظهر و ليس البطون سوى ما استسر
فأين الذهاب و أين الإياب و أين القرار و أين المقر
فمنا إليه و منه إلينا و كل بحكم القضاء و القدر
فلا تبكين على فائت فما فات شيء و ما ساء سر
فما ثم إلا مضاف و ما يضاف إليه فجز و اعتبر
و قل ما تشاء على من تشاء فإن الوجود بهذا ظهر
وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباطن حضرة البطون)



السر ما بطنت فيه حقيقته و الجهر يظهره لكل ذي بصر
لو لا البطون و لو لا سر حكمته ما فضل اللّٰه مخلوقا على البشر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 4  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست