responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 153

مختلفة كما قال لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً و هي الطرق و الحقيقة عين واحدة هي غاية لهذه الطرق و هو قوله وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فأما قوله تعالى لنبيه محمد في سورة الفتح و هو فتوح المكاشفة بالحق و فتوح الحلاوة في الباطن و فتوح العبارة و لهذا الفتوح كان للقرآن معجزة فما أعطى أحد فتوح العبارة على كمال ما أعطيه رسول اللّٰه ص فإنه قال لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا الْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً أي معينا فقال له إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً في الثلاثة الأنواع من الفتوح فتحا فأكده بالمصدر مبينا أي ظاهرا يعرفه كل من رآه بما تجلى و ما حواه ففتوح الحلاوة ثابت له ذوقا و فتوح العبارة ثابت للعرب بالعجز عن المعارضة و فتوح المكاشفة ثابت بما أشهده ليلة إسرائه من الآيات لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ فيسترك عما يستحقه صاحب الذنب من العتب و المؤاخذة و ما تأخر يسترك عن عين الذنب حتى لا يجدك فيقوم بك فأعلمنا بالمغفرة في الذنب المتأخر أنه معصوم بلا شك و يؤيد عصمته إن جعله اللّٰه أسوة يتأسى به فلو لم يقمه اللّٰه في مقام العصمة للزمنا التأسي به فيما يقع منه من الذنوب إن لم ينص عليها كما نص على النكاح بالهبة إن ذلك خالص له مشروع و هو حرام علينا وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بأن يعطيها خلقها إذ قد عرفنا بالمخلقة من ذلك و غير المخلقة و أخبر بهذه الآية أن نعمته التي أعطاها محمدا مخلقة أي تامة الخلقة ص وَ يَهْدِيَكَ صِرٰاطاً مُسْتَقِيماً و هو صراط ربه الذي هو عليه كما قال هود ع إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و الشرائع كلها أنوار و شرع محمد ص بين هذه الأنوار كنور الشمس بين أنوار الكواكب فإذا ظهرت الشمس خفيت أنوار الكواكب و اندرجت أنوارها في نور الشمس فكان خفاؤها نظير ما نسخ من الشرائع بشرعه ص مع وجود أعيانها كما يتحقق وجود أنوار الكواكب و لهذا ألزمنا في شرعنا العام أن نؤمن بجميع الرسل و جميع شرائعهم أنها حق فلم ترجع بالنسخ باطلا ذلك ظن الذين جهلوا فرجعت الطرق كلها ناظرة إلى طريق النبي ص فلو كانت الرسل في زمانه لتبعوه كما تبعت شرائعهم شرعه فإنه أوتي جوامع الكلم وَ يَنْصُرَكَ اللّٰهُ نَصْراً عَزِيزاً و العزيز من يرام فلا يستطاع الوصول إليه فإذا كانت الرسل هي الطالبة للوصول إليه فقد عز عن إدراكها إياه ببعثته العامة و إعطاء اللّٰه إياه جوامع الكلم و السيادة بالمقام المحمود في الدار الآخرة و بجعل اللّٰه أمته خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ و أمة كل نبي على قدر مقام نبيها فاعلم ذلك و إذا طلب الوصول إليه القائلون باكتساب النبوة عز عليهم الوصول إلى ذلك فإن المكتسب إنما هو السلوك و الوصول إلى الباب و أما ما وراء الباب فلا علم للواصلين إليه بمن يفتح له ذلك الباب فمن الناس من يفتح له بالإيمان العام و هو مطالعة الحقيقة كأبي بكر فلم ير شيئا إلا رأى اللّٰه قبله و منهم من يفتح له بالإنباء العام الذي لا شرع فيه و هذان الفتحان باقيان في هذه الأمة إلى يوم القيامة و من الواصلين من يفتح له الباب بنبوة التشريع المقصور عليهم و منهم من يفتح له الباب بالرسالة بما شرع و هذان بابان أو فتحان قد منع اللّٰه أن يتحقق بهما أحد أو يفتح له فيهما إلا أهل الاجتهاد فإن اللّٰه أبقى عليهم من ذلك بعض شيء بتقرير الشرع فحكمه للشارع لا لهم فكل ما خرج من وراء الباب عند فتحه ما هو مكتسب و النبوة غير مكتسبة فنصره اللّٰه النصر العزيز فلم يصل إليه من قال باكتساب النبوة لأن الموصوف بالعزة لا عين للعزة إلا مع وجود الطالب لمن قامت به فيحمى مقامه و حضرته أن لا يصل طالب إليه فالشرائع الحكمية السياسية الظاهرة بصورة الشرائع الإلهية ليس لها هذا النصر العزيز و إنما هو مختص بصاحب الشرع الإلهي المنزل و الحقيقة تعم الشرعين الشرع الإلهي و الحكمي السياسي فصاحب الشريعة و هو المؤمن إنما جثى بين يدي المحقق الذي هو صاحب الحقيقة ليبين له مأخذ كل شرع من الحضرة الإلهية و لا يعلم ذلك إلا صاحب الحقيقة فلهذا سمي هذا المنزل بجثو الشريعة بين يدي الحقيقة لأن كل شرع يطلبها إذ هي باطن كل شرع و الشرائع صورها الظاهرة في عالم الشهادة و لهذا ما تخلو أمة عن نذير يقوم بسياستها لبقاء المصلحة في حقها سواء كان ذلك الشرع إلهيا أو سياسيا على كل حال تقع المصلحة به في القرن الذي يظهر فيه و بعد أن علمت منزلة الشريعة من الحقيقة و لها باب يخصه من هذا الكتاب قد تقدم فلنذكر ما يتضمنه هذا المنزل من العلوم فمن ذلك علم لواء خاص من ألوية الحمد و أسمائه و علم ما لهذا اللواء من حكم الرحمة في العالم الذي يكون تحته و علم المناسبات التي تنضم الأشياء الصورية بها بعضها إلى بعض لإقامة أعيان الصور التي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست