responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 152

نازلون عن رتبة الكمال أظهر الإنسان الكامل الحاجة لما سخر فيه العالم فقوى التسخير في العالم لئلا يفرطوا فيما أمرهم الحق به من ذلك لأنهم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ فوافق الإنسان الكامل بإظهار هذا الفقر الحق في أشغال العالم فكان حقا في فقره كالاسماء و حقا في غناه لأنه لا يرى المسخر له إلا من له الأثر و هو للأسماء الإلهية لا لأعيان العالم فما افتقر إلا لله في أعيان العالم و العالم لا علم له بذلك و لما أطت السماء بعمارها و

قال ص و حق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا و فيه ملك ساجد لله فأخبر في قوله ساجد لله لينبه على نظر كل ملك في السماء إلى الأرض لأن السجود التطاطؤ و الانخفاض و قد عرفوا إن الأرض موضع الخليفة و أمروا بالسجود فطأطئوا عن أمر اللّٰه ناظرين إلى مكان هذا الخليفة حتى يكون السجود له لأن اللّٰه أمرهم بالسجود له و لم يزل حكم السجود فيهم لآدم و للكامل أبدا دائما فإن قلت فيزول في الدار الآخرة مثل هذا السجود قلنا لا يزول لأن الصورة الظاهرة من الإنسان الكامل التي وقع السجود لها أنشأها اللّٰه من الطبيعة العنصرية ابتداء و إعادة ففي الابتداء أنبتها من الأرض ثم أعادها إليها بالموت ثم أخرجها منها إخراجا بالبعث و لها السفل في الرتبة تطلب بهذه الحقيقة اللّٰه الذي

قال فيه النبي ص لو دليتم بحبل لهبط على اللّٰه و كذا ينبغي أن يكون الأمر في نفسه فلا بد من استصحاب سجودهم للإمام دنيا و آخرة فحاز الإنسان الكامل صورة العالم و صورة الحق ففضل بالمجموع فالساجد و المسجود له فيه و منه و لو لم يكن الأمر هكذا لم يكن جامعا فعند الملإ الأعلى ازدحام لرؤية الإنسان الكامل كما يزدحم الناس عند رؤية الملك إذا طلع عليهم فأطت السماء لازدحامهم فمن عرف اللّٰه بهذه المعرفة عرف نعم اللّٰه التي أسبغها عليه الظاهرة و الباطنة فتبرأ من المجادلة في اللّٰه بغير علم و هو ما أعطاه الدليل النظري و لا كتاب منير و هو ما وقع به التعريف مما هو الحق عليه من النعوت فقال وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يُجٰادِلُ فِي اللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ أعطاه دليل فكره وَ لاٰ هُدىً يقول و لا بيان أبانه له كشفه وَ لاٰ كِتٰابٍ مُنِيرٍ و هو ما وقع به التعريف لما نزلت به الآيات من المعرفة بالله في كتبه المنزلة الموصوفة بأنها نور ليكشف بها ما نزلت به لما كان النور يكشف به فنفاهم عن تقليد الحق و عن التجلي و الكشف و عن النظر العقلي و لا مرتبة في الجهل أنزل من هذه المرتبة و لهذا جاءت من الحق في معرض الذم يذم بها من قامت به هذه الصفة و إذا عرفوا نعم اللّٰه كما قلنا أوجب هذا العلم عليهم الشكر فشغلوا نفوسهم بشكره

كما فعله رسول اللّٰه ص حين نزل عليه لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِرٰاطاً مُسْتَقِيماً وَ يَنْصُرَكَ اللّٰهُ نَصْراً عَزِيزاً فقام حتى تورمت قدماه شكرا على هذه النعمة و هكذا أخبر لما قيل له في ذلك فقال أ فلا أكون عبدا شكورا فأتى بفعول و هو بنية المبالغة فكثر منه الشكر لما كثرت النعم فطلبت كل نعمة منه الشكر لله عليها و لا يخطر لصاحب هذا المقام في شكره طلب الزيادة لأنه فعل يطلب الماضي و الواقع فكانت الزيادة من النعم للشاكر فضلا من اللّٰه و لهذا سماها زيادة يطلبها الشكر لا الشاكر فيجني ثمرته الشاكر فهي من الشكر جزاء للشاكر حيث أوجد عين الشكر في الوجود و أقام نشأته صورة متجسدة تسبح اللّٰه و تذكره فطلبت من اللّٰه تعالى أن يزيد هذا الشاكر نعمة إلى نعمته حيث كان سببا في إيجاد عين الشكر فسمع اللّٰه منه و أجابه لما سأل فسأله أن يعرف الشاكرين بذلك حتى يعلموا أن الشكر قد أدى عند اللّٰه ما وجب عليه من حق الشاكر فقال اللّٰه لعباده لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فأعلمنا بالزيادة فالعارف بالله يشكر اللّٰه ليكون خلاقا لصورة الشكر ليكثر المسبحون لله القائمون في عبادته فإذا علم اللّٰه هذا منه زاده في النعم الظاهرة و الباطنة ليدوم له نعت الخلق للشكر فلا يزال الأمر له دائما دنيا و آخرة و أعظم نشأة يظهر بها الشكر في الوجود نشأة الشكر على نعمة الصورة الكمالية و نشأة الشكر على نعمة التسخير و المزيد من اللّٰه للشاكر على قدر صورة الشكر فاعلم كيف تشكر و اشتغل بالأهم فالأهم من ذلك فإذا طلب الشاكر بشكره المزيد لما وعد اللّٰه به لم يعطه اللّٰه من نعمة المزيد إلا على قدر طلبه و صورته من التخليط و السلامة فيكون مزيده مغفرة و عفوا و تجاوزا لا غير و بالجملة فينزل عن درجة الأول الذي أعطى بسؤال الشكر فإن نشأة الشكر بريئة من التخليط في عينها و إن كان الشاكر مخلطا فلا أثر لتخليطه في صورة الشكر و له أثر في المزيد إذا شكر لتحصيل المزيد فتحصل المفاضلة بين الشاكرين على ما قررناه من الطالبين المزيد و غير الطالبين و المشتغلين بالأهم و غير المشتغلين به فهذه طرق لله

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست