responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 149

و الثناء على اللّٰه بالتسبيح لا تكل به الألسنة بخلاف الثناء بالأسماء فإن الألسنة تكل و تعيا و تقف فيها و لهذا قال من قال مما شرع له أن يقول من الثناء على اللّٰه فقال خاتما عند الإعياء و الحصر لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك و انظر حكمة اللّٰه تعالى في كونه لم يجعل له صفة في كتبه بل نزه نفسه عن الوصف فقال وَ لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ فجعلها أسماء و ما جعلها نعوتا و لا صفات و قال فَادْعُوهُ بِهٰا و بها كان الثناء و الاسم ما يعطي الثناء و الاسم ما يعطي الثناء و إنما يعطيه النعت و الصفة و ما شعر أكثر الناس لكون الحق ما ذكر له نعتا في خلقه و إنما جعل ذلك أسماء كأسماء الأعلام التي ما جاءت للثناء و إنما جاءت للدلالة و تلك الأسماء الإلهية الحسنى هي لنا نعوت يثنى علينا بها و أثنينا علينا بها و أثنى اللّٰه على نفسه بها لأنا قدمنا إن نزول الشرائع في العالم من اللّٰه إنما تنزل بحكم ما تواطأ عليه أهل ذلك اللسان سواء صادف أهل ذلك اللسان الحق في ذلك أو لا و قد تواطأ الناس على إن هذه الأسماء التي سمي الحق بها نفسه مما يثنى بها في المحدثات إذا قامت بمن تقوم به نعتا أو صفة فأثنى اللّٰه على نفسه بها و نبه على أنها أسماء لا نعوت ليفهم السامع الفهم الفطن أن ذلك من حكم التواطؤ لا حكم الأمر في نفسه كما دل دليل الشرع ب‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ من جميع الوجوه فلا يقبل الأينية فإنه لو قبلها لم يصدق لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ على الإطلاق فإن قبول الأينية مماثلة و أما الدليل العقلي فلا يقول بها أصلا و مع هذا الحكم للتواطئ

فقال رسول اللّٰه ص للسوداء الخرساء أين اللّٰه فأطلق عليه لفظ الأينية لعلمه أن الأينية في حقه بمنزلة الاسم لا بمنزلة النعت فقالت السوداء في السماء بالإشارة فقبل ما أشارت به و جعلها مؤمنة لأن اللّٰه أخبر عن نفسه أنه في السماء فصدقته في خبره فكانت مؤمنة و لم يقل ص فيها عند ذلك إنها عالمة و أمر بعتقها و العتق سراح من قيد العبودية تنبيه من النبي ص بالعتق في حقها من قيد العبودية و الملك على أنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ سراح من قيد الأينية و فاء الظرف التي أتت به السوداء في الجواب فانظر ما أعجب الشارع العارف بالله و هذا كله تنزيه فالثناء على اللّٰه بصفات الإثبات التي جعلها أسماء و جعلها الخلق نعوتا كما هي لهم نعوت إذا وقع هذا الثناء من العبد صورة لا يكون روح تلك الصورة تسبيحا بليس كمثله شيء كان جهلا بما يستحقه المثنى عليه فإنه أدخله تحت الحد و الحصر بخلاف كون ذلك أسماء لا نعوتا فيا ولي لا يفارق التسبيح ثناؤك على اللّٰه جملة واحدة فإنك إذا كنت بهذه المثابة نفخت روحا في صورة ثنائك التي أنشأتها فلا تكن من المصورين الذين يعذبون يوم القيامة بأن يقال لهم أحيوا ما خلقتم و لا قدرة لهم على ذلك هناك لأن الدعوى هناك لا تقع لما هو عليه من كشف الأمور و في الدنيا ليس كذلك ثم انظر في تحقيق ما ذكرناه من إنشاء صورة الثناء إذا لم تنفخ فيها روح التسبيح قوله لطائفة قُلْ أَ رَأَيْتُمْ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ أَرُونِي مٰا ذٰا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ فلو قالوا عيسى دعي إلها من دون اللّٰه و قد خلق من الأرض لما عجنه طينا لانتظام الأجزاء الترابية بما في الماء من الرطوبة و البرودة فزادت كمية برودة التراب فثقل عن التحليل و عدم الانتظام و أزالت الرطوبة اليبوسة التي في التراب فالتأمت أجزاؤه لظهور شكل الطائر فقدم الحق لأجل هذا القول إن خلق عيسى للطير كان بإذن اللّٰه فكان خلقه له عبادة يتقرب بها إلى اللّٰه لأنه مأذون له في ذلك فقال وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهٰا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي فما أضاف خلقه إلا لإذن اللّٰه و المأمور عبد و العبد لا يكون إلها و إنما جئنا بهذه المسألة لعموم كلمة ما فإنها لفظة تطلق على كل شيء ممن يعقل و مما لا يعقل كذا قال سيبويه و هو المرجوع إليه في العلم باللسان فإن بعض المنتحلين لهذا الفن يقولون إن لفظة ما تختص بما لا يعقل و من تختص بمن يعقل و هو قول غير محرر و قد رأينا في كلام العرب جمع من لا يعقل جمع من يعقل و إطلاق ما على من يعقل و إنما قلنا هذا لئلا يقال في قوله مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ إنما أراد من لا يعقل و عيسى يعقل فلا يدخل في هذا الخطاب و قول سيبويه أولى فهذا قد ترجمنا عن هذا المنزل بما فيه تنبيه على شموخه و تفلته من العالم به إن لم يكن له مراقبا دائما و هو يحوي على علوم منها علم ما خص اللّٰه به أولية الحمد من الرحمة هل أعطاها الرحمة العامة أو الخاصة فإن التي تجاوره الرحمة الواجبة و هي جزء من الرحمة العامة فهل لواء الحمد يقتصر عليها و هو أن لا يثني على اللّٰه إلا بالأسماء الحسنى في العرف أو يتعداها إلى الرحمة العامة في الثناء على اللّٰه بجميع الأسماء و الكنايات إذ له الفعل المطلق من غير تقييد و له كل اسم يطلبه الفعل و إن لم يطلق عليه فإن الرحمة الإلهية العامة تعم هذه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست