responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 108

في طول العالم و مثله في عرضه و طول العالم عالم الأرواح و عرضه عالم صور الأجسام و إنما قلنا صور الأجسام و لم نقل الأجسام بسبب الأجسام المتخيلة و إن كانت أجساما حقيقية في حضرتها فليست أجساما عند كل أحد لما يسرع إليها من التغيير و لأنها راجعة إلى عين الناظر لا إليها و الأجسام الحقيقة هي أجسام لا نفسها لا لعين الناظر فسواء كان الناظر موجودا أو غير موجود هي أجسام في نفسها و الأخر أجسام لا في أنفسها كما قال يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ و هي أجسام في عينها لا حكم لها في السعي فظهرت في عين موسى بصورة الجسم الذي له سعى و الأمر في نفسه ليس كذلك و القسم الثالث من هذا الحكم من الظهور و الخفاء يظهر في سبعمائة موطن و عشرين موطنا و هو منتهى ما يقبل عالم الدنيا من الاقتدار الإلهي لا إن الاقتدار يقصر أو يعجز فهذا حكم القابل و كذا وقع الوجود و يجوز في النظر الفكري خلافه معرى عن علمه بما سبق في علم اللّٰه فما ثم إمكان إلا بالنظر المجرد إلى الأكوان معراة عن علم اللّٰه فيها فلا تعرف إلا بالوقوع فانحصرت مواطن الظهور و الخفاء بين تجل إلهي و استتار في سبعمائة موطن و ستة و عشرين موطنا بأحكام مختلفة و بين كل موطنين من ظهور و خفاء يقع تجل برزخي في قوله اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ ليحفظ هذا البرزخ وجود الطرفين فلا يرى كل طرف منها حكم الطرف الآخر و البرزخ له الحكم في الطرفين فيسخف الكثيف و يكثف السخيف و له في كل موطن حكم لا يظهر به في الموطن الآخر و هو ما يجري عليه أحكام عالم هذه الدار إلى أن يرث اللّٰه الوارث اَلْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهٰا و من حقيقة هذه المواطن ظهر العالم في الدنيا بصورة الظهور و هو ما أدركه الحس و بصورة الاستتار و هو ما لا يدركه الحس من المعاني و ما استتر عن الأبصار من الملائكة و الجن قال تعالى فَلاٰ أُقْسِمُ بِمٰا تُبْصِرُونَ و هو ما ظهر لنا وَ مٰا لاٰ تُبْصِرُونَ و هو ما خفي عنا فالعالم بين الأبد و الأزل برزخ به انفصل الأبد من الأزل لولاه ما ظهر لهما حكم و لكان الأمر واحد إلا يتميز كالحال بين الماضي و المستقبل لو لا الحال ما تميز العدم الماضي عن العدم المستقبل و هذا حكم البرزخ لا يبرح دائما في العالم و هو الرابط بين المقدمتين لولاه ما ظهر علم صحيح ثم إن اللّٰه سبحانه ولي الاسم الرحمن المملكة كلها و جعل الاسم الرب السادن الأول العام و أعطاه إقليد التكوين و التصريف و النزول و المعراج فهو يتلقى الركبان و ينزل بهم على الرحمن و الرحمن على عرشه الأبهى يعلم مجموع كلمه في أي عين يظهر من العالم و هو الذي أشرنا إليه بقولنا

علم القرآن كيف ينزل اسمه الرحمن لما عملوا
بالذي يعطيهم حكمته و هو العامل و هو العمل
فرجال اللّٰه قدما سبقوا و عليهم بعليه عولوا
فهم المطلوب لا غيرهم فبه منهم إليه وصلوا
فقوله اَلرَّحْمٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ نصب القرآن ثم قال خَلَقَ الْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ فينزل عليه القرآن ليترجم منه بما علمه الحق من البيان الذي لم يقبله إلا هذا الإنسان فكان للقرآن علم التمييز فعلم أين محله الذي ينزل عليه من العالم فنزل على قلب محمد ص نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ثم لا يزال ينزل على قلوب أمته إلى يوم القيامة فنزوله في القلوب جديد لا يبلى فهو الوحي الدائم فللرسول صلوات اللّٰه عليه و سلامه الأولية في ذلك و التبليغ إلى الأسماع من البشر و الابتداء من البشر فصار القرآن برزخا بين الحق و الإنسان و ظهر في قلبه على صورة لم يظهر بها في لسانه فإن اللّٰه جعل لكل موطن حكما لا يكون لغيره و ظهر في القلب أحدي العين فجسده الخيال و قسمه فأخذه اللسان فصيره ذا حرف و صوت و قيد به سمع الآذان و أبان إنه مترجم عن اللّٰه لا عن الرحمن لما فيه من الرحمة و القهر و السلطان فقال فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ فتلاه رسول اللّٰه ص بلسانه أصواتا و حروفا سمعها الأعرابي بسمع أذنه في حال ترجمته فالكلام لله بلا شك و الترجمة للمتكلم به كان من كان فلا يزال كلام اللّٰه من حين نزوله يتلى حروفا و أصواتا إلى أن يرفع من الصدور و يمحي من المصاحف فلا يبقى مترجم يقبل نزول القرآن عليه فلا يبقى الإنسان المخلوق على الصورة فإذا بقيت صورة جسم الإنسان مثل أجسام الحيوان و زالت الصورة الإلهية بالتجريد نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 3  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست