responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 688

يتحير عليه الضوء في مشاهدة للطريق فتلك الريح كمتابعة الهوى في فروع الشريعة و هي المعاصي التي لا يكفر بها الإنسان و لا تقدح في توحيده و إيمانه فلقد خلقنا لأمر عظيم و لكن إذا اقتحمنا هذه الشدائد و قاسينا هذه المكاره حصلنا على أمر عظيم و هو سعادة الأبد التي لا شقاء فيها*

[المشي على طريق المستقيم]

و مما يتضمن هذا المنزل علم الوقت الذي يصحبه فيه القرينان من الملك و الشيطان فاعلم إن الإنسان إذا خلقه اللّٰه في أمة لم يبعث فيها رسول لم يقترن به ملك و لا شيطان و يبقى يتصرف بحكم طبعه ناصيته بيد ربه خاصة فكل ما يمشي فيه في ذلك الوقت فهو على صراط مستقيم فإن ربه على صراط مستقيم قال تعالى مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ فإذا بعث فيهم رسول أو خلق في أمة فيهم رسول لزمه من حين ولادته قرينان ملك و شيطان من حين يولد لأجل وجود الشرع و أعطى كل واحد من القرينين لمة يهمزه و يقبضه بها و لا تقل إن المولود غير مكلف فلما ذا يقرن به هذان القرينان

[إن اللّٰه ما جعل ملك و شيطان في حق المولود]

فاعلم إن اللّٰه ما جعل له هذين القرينين في حق المولود و إنما ذلك من أجل مرتبة والديه أو من كان فيهمزه القرين الشيطاني فيبكي أو يلعب بيده فيفسد شيئا مما يكره فساده أبوه أو غيره فتكون تلك الحركة من المولود الغير مكلف سببا مثيرا في الغير ضجرا و تسخطا كراهة لفعل اللّٰه فيتعلق به الإثم فلهذا يقرن به الشيطان لا لنفسه و كذلك الملك و هو كل حركة تطرأ من المولود مما تثير في نفس الغير أمرا موجبا للشر أو للخير فإن كان شرا فمن الشيطان و إن كان خيرا فمن الملك و ليس للصبي الصغير قط حركة نفسية و لا ربانية حتى يدرك و إن لم يكن في أمه لها شرع فحركته كلها نفسية من حال ولادته إلى أن يموت ما لم يرسل إليه رسول أو يدخل هو في دين إلهي يتقيد به أي دين كان مشروعا من اللّٰه أو غير مشروع حينئذ يوكل به القرينان إذ لم يكن للعقل أن يشرع القربات و إن كان على مكارم الأخلاق المعتادة في العرف المحبوبة بالطبع التي يدركها العقل و لكن لا يحكم عليها بحكم أصلا يقطع به على اللّٰه و ليس له حكم في إثبات الآخرة و لا نفيها لكن هو متمكن بعقله من النظر في إثبات موجدة و لمن يستند في وجوده و ما ينبغي أن يكون عليه موجدة من الصفات و ما ينبغي أن يعظه به من نعوت الجلال لكن لا على جهة المنزلة الأخراوية عنده و لا يعرف بعقله ما يصير إليه بعد الموت و لا يدري هذا المدبر لبدنه ما هو و لا أين يذهب من الميت إذا مات و لو لا إن الأمر من آدم كان ابتداؤه بالنبوة فأخبر بما هنالك ففطنت العقول حيث أعلمت مال هذه النفوس فذلك الذي حرضها على البحث و النظر في ذلك و حشر النفوس بعد الموت إلى أين يكون و كيف يجمع و صورة ما ينتقل به و إليه و هل تنتقل مدبرة لمواد أخر أو تتجرد عن المادة و هل كان لها وجود قبل تسوية البدن في التكوين أم حدثت بحدوث البدن و وقفوا على حكم تأثيرات في العالم فراقبوا الأفلاك و حركات الكواكب و رأوا حدوث الآثار عند تلك الحركات عن تكرار فعلموا إن ثم نسبة بين هذا الأثر و تلك الحركات و أما ما لم تدرك الأعمار تكراره فذلك بإعلام النبي عليه السلام الذي كان في زمانهم أتاهم بما أعلمه اللّٰه و أطلعه على ما اختزنه في تلك الحركات العلوية من الآثار العنصرية و أعلمهم حكمها في الدنيا و الآخرة و ليس مثل هذا كله من مدركات العقول من غير موقف فلو لا التعريف الإلهي في هذه الدار و الدار الآخرة ما عرف أحد شيئا مما هنالك

[أن كل مخلوق على فطرتهم يعظمون الحق]

و اعلم أن كل مخلوق ما سوى الإنس و الجان مفطورون على تعظيم الحق و التسبيح بحمده و كذلك أعضاء جسد الإنس و الجان كلها و لكن لا على جهة التقريب و ابتغاء المنزلة العظمى بل التسبيح لهم كالأنفاس في المتنفسين لما تستحقه الذات و هكذا يكون تسبيح الإنس و الجان في الجنة و النار لا على طريق القربة و لا ينتج لهم قربة بل كل واحد منهم على مقام معلوم فتصير العبادة طبيعية تقتضيها حقائقهم و يرتفع التكليف و لا يتصور منهم مخالفة لأمر اللّٰه إذا ورد عليهم و لا يبقى هنالك نهي أصلا بعد قوله لأهل النار اِخْسَؤُا فِيهٰا وَ لاٰ تُكَلِّمُونِ و كلامنا إذا نزل الناس منازلهم في كل دار و غلقت الأبواب و استقرت الداران بأهلها الذين هم أهلها و ارتفع شأن أرض الحشر و عادت كلها نارا و صار كل ما تحت مقعر فلك الكواكب الثابتة إلى منتهى أسفل سافلين دارا واحدة تسمى جهنم تحوي على حرور و زمهرير و بينهما برازخ يكون فيها التكوينات في الجلود التي يقع فيها التبديل عند الإنضاج خٰالِدِينَ فِيهٰا مٰا دٰامَتِ السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ يريد المدة التي كانت الأرض عليها من يوم خلقها اللّٰه إلى يوم التبديل و كانت العرب التي نزل القرآن بلسانها تطلق هذه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 688
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست