responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 649

في بطن الأرض لا حياة لهم إلا فيها كالخلد فإذا حصل على ظهر الأرض مات فالغم الذي لنا في ذلك الغم حياتهم فالسمك إذا خرج إلى الهواء مات و كان في الهواء غمه فينطفي فيه نور حياته و الإنسان و الحيوان البري إذا غرق في الماء هلك و كان في الماء غمه ينطفي به نور حياته و ثم حيوان يرى بحري يعيش هنا و يعيش هنا كالتماسح و إنسان الماء و كلبه و بعض الطيور و هذا كله بالطبع و المزاج الذي ركبه اللّٰه عليه و قد ذكرنا في هذا المنزل ما فيه كفاية و استوفينا أصوله بعون اللّٰه و الهامة وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب التسعون و مائتان في معرفة منزل تقرير النعم من الحضرة الموسوية»



بالقول نشرح ذات القول فاعتبروا في شرح ما هو في التحقيق مشروح
أن الأسامي للمعنى مفاتيح و في العبارات تعديل و تجريح
لا يحصل الشوق للملقى إليه إذا ما لم يكن منك للإلقاء تلويح
فاكشف معارف أهل اللّٰه في حجب لا يحكمنك تبيين و تصريح
و أنطق بما تغتذي به النفوس و لا تنطق بما يغتذي بعلمه الروح
فالروح يكتم ما يلقى إليه كما تبدي النفوس الذي تجري به الريح
إن النفوس بما تهواه ناطقة و الروح إن زل بالتصريح مجروح

[إبطال النعمة بالمن و الأذى]

اعلم أيدك اللّٰه و إيانا أن المنعم إذا أبطل نعمته بالمن و الأذى لا يكون مشكورا عند اللّٰه على ذلك و إن شكره المنعم عليه لمعرفته بذله و فقره إليه فمن مكارم الأخلاق أن لا يمن المنعم بما أنعم به على المنعم عليه و لا سيما مع شكره على ذلك فإذا احتاج المنعم عليه لأمر و أظهر الذلة و الافتقار إلى المنعم في طلب ذلك الأمر الذي مست الحاجة فيه إليه و ذلك الأمر عند المنعم عليه في النعمة التي أنعم بها المنعم عليه فللمنعم عند ذلك أن يعرفه بما أنعم به عليه و يقرره على ذلك و أن الذي طلب منه موجود في نفس نعمته فلما ذا يفتقر في غيره موضع الافتقار حينئذ يجوز للمنعم أن يذكر للمنعم عليه نعمته عليه كرجل وهب رجلا ألف دينار إنعاما عليه ثم رآه يفتقر إلى ثوب يلبسه و مركب يركبه و أهل يأنس إليه و قد نسي أو جهل إن إرادة المنعم فيما أنعم به عليه إن ينال جميع ما سأله من تلك النعمة فللمنعم عند ذلك أن يعرفه بأن جميع ما تسألني فيه تصل إليه بما وهبتك إياه من المال فلما ذا تستعجل الذلة ففي مثل هذا الموطن يجب التقرير بالنعم على وجه التعليم و التنبيه لا على المن و الأذى إلا إن من مكارم الأخلاق إذا قرره على ما أنعم به عليه إن لا يخيب سؤاله إما بعطاء في الوقت و إما بوعد فيبسطه بعد انقباضه لما حصل عنده من الخجل تخلقا إلهيا

[تقرير النعم]

فاعلم إن هذا المنزل يتضمن تقرير النعم على ما ذكرت لك و يتضمن علم التشريح الذي تعرفه الأطباء من أهل الحكمة و التشريح الإلهي التي تتضمنه الصورة التي اختص بها هذا الشخص الإنساني من كونه مخلوقا على صورة العالم و على صورة الحق فعلم تشريحه من جانب العالم علمك بما فيه من حقائق الأكوان كلها علوها و سفلها طيبها و خبيثها نورها و ظلمتها على التفصيل و قد تكلم في هذا العلم أبو حامد و غيره و بينه فهذا هو علم التشريح في طريقنا و أما علم التشريح الثاني فهو إن تعلم ما في هذه الصورة الإنسانية من الأسماء الإلهية و النسب الربانية و يعلم هذا من يعرف التخلق بالأسماء و ما ينتجه التخلق بها من المعارف الإلهية و هذا أيضا قد تكلم فيه رجال اللّٰه في شرح أسماء اللّٰه كأبي حامد الغزالي و أبي الحكم عبد السلام بن برجان الإشبيلي و أبي بكر بن عبد اللّٰه المغافري و أبي القاسم القشيري و يتضمن هذا المنزل التكليف و رفعه من حيث ما فيه من المشقة لا من حيث ترك العمل

[إن اللّٰه أمرنا بالإيمان به و برسله]

فاعلم إن اللّٰه تعالى أمر عباده بالإيمان به و بما أنزل عليهم على أيدي رسله و جعل مع الايمان إلزاما من المعاني أمرهم اللّٰه تعالى أن يحملوها كلها في بواطنهم حملا معنويا و جعل محلها القلوب و عين أمورا عملية أنزلها على ظواهرهم و حملها جوارحهم مما فيه كلفة حسية من عمل الأيدي و الأرجل و مما لا يعمل إلا بالأبدان كالصلاة و الجهاد و مما لا كلفة فيه حسية كغض البصر عن المحرمات و النظر في الآيات ليؤدي ذلك النظر إلى الاعتبار و تنزيه السمع عن سماع الغيبة و الإصغاء إلى الحديث الحسن فمثل هذا لا كلفة فيه حسية و إنما كلفته نفسية فإن فيها ترك الغرض

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 649
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست