responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 626

إنما هي عبارات أحوال و نطق حال لا نطق مقال كما تقول الأرض للوتد لم تشقني فيقول لها الوتد سل من يدقني يعني الدقاق الذي يدق به الوتد و هذا لسان حال معلوم يضرب مثلا معروفا بين الناس ثم لتعلم بعد أن بينت لك هذا أن المسارع إلى الخيرات السابق لها إن كان يريد المشاهد الإلهية و العلوم الربانية فليكثر سهر الليل و ليكثر فيه الجمعية دائما فإن لاحت له أنوار متفرقة يتخللها ظلمة ما بين كل نور و نور و لا يكون لتلك الأنوار بقاء تكون سريعة الذهاب فتلك أول علامات القبول و الفتح فلا يزال تظهر له تلك الأنوار الشريفة بالمجاهدات و المسارعة فيها و إليها إلى أن يطلع له نور أعظم فإنه يكشف به الموانع التي تمنع الناس من نيل هذه العلوم و يكشف أسرارا في مقاماتها ليس فيه منها شيء و لا هو موصوف بها فيكشف له عن أعماله التي كان عليها من أذكاره و رياضاته و مجاهداته قد أنشأها اللّٰه خلقا روحانيا فتسابق إلى أخذ تلك الأسرار كما يسبق هو بها فيأخذها و تكسو عاملها بها جزاء وفاقا له حيث كان سببا لوجود أعيان ذلك الخلق الذين هم عين أفعاله البدنية من نطق و حركة و كان الحضور أرواح تلك الصور العملية فيتصف العامل عند ذلك بالعلم بتلك العلوم و الأسرار هكذا يشاهدها إذا أشهدها و قد يجد تلك العلوم من خلف حجاب الغيب و لا يطلع على الأمر كيف كان و هو كما ذكرنا قال القائل

جيش إذا عطس الصباح على العدي كانت إغارة خيله تشميتا
و يشاهد موافقات بين صورتك العلوم و بين صور هذه الأعمال من أجل انتظار الأذن الإلهي في ذلك فإن كان العامل ممن قد أراد اللّٰه أن يفتح له في الدنيا في حصول هذه الأسرار و رد الأذن الإلهي بذلك ففتح على هذا العامل في باطنه بعلوم شتى فيقال فلان قد فتح عليه و إن كان اللّٰه يريد أن يخبأ له ذلك إلى الدار الآخرة لمصلحة يراه له في منع ذلك لم تمكن صور الأعمال من خلع تلك العلوم على العامل لكن تلبسها الأعمال إلى أن ينقلب العامل إلى الدار الآخرة فيجدها مخبوءة له في أعماله فيلبسها خلعا إلهية فيقال في هذا العامل في الدنيا إنه ما فتح له مع كثرة عمله و يتعجب المتعجبون من ذلك لأنهم يتخيلون أن الفتح أمر لازم و كذلك هو أمر لازم تطلبه الأعمال و تناله و لكن متى يكون ذلك صفة للعامل هل في الدنيا أو في الآخرة ذلك إلى اللّٰه فإذا رأيت عامل صدق أو عرفت ذلك من نفسك و لم تر يفتح لك في باطنك مثل ما فتح لمن تراه على صورتك من العمل فلا تتهم فإنه مدخر لك و اطرح عن نفسك التهمة في ذلك فلا تتهم و لا تجعل نفسك من أهل التهم و قل كما قلت في ذلك

ما أنا من أهل التهم و لا أنا ممن اتهم
و إنني إن قلت لا أقول من بعد نعم
و لا أقول عكس ذا فإنني بحر خضم
و إنني ابن حاتم بيت السماح و الكرم
فكم لنا مآثر منصوبة مثل العلم
ليهتدي بضوئها في عرب و في عجم
معلومة مشهورة مذكورة بكل فم
محبوبة مشكورة سارية و كم و كم
و ما أحسن قول القائل في مثل ما قلت

و إني إذا أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادى و منجز موعدي
و هذا من الكرم الإلهي أنه جعل مانعا في مقابلة الوعيد و إنفاذه و هو العفو و التجاوز و لم يجعل للوعد بالخير مانعا من اسم إلهي و إذا كانت حالة العبد من الكرم بهذه المثابة فالجناب الإلهي أحق بهذه الصفة و إنما نبهت على إنني ابن حاتم من أجل الكرم الذي جبلت عليه ولي فيه الأصل المؤثل مثل ما قيل

إن الجياد على أعراقها تجري
و الأعراق هي الأصول جمع عرق و هو الأصل في لسان العرب و

[أن العارفين يعاملون المواطن بحسب ما تقتضيه]

اعلم أن العارفين يعاملون المواطن بحسب ما تقتضيه و غير العارفين ليس كذلك فالعارف إن أظهر للناس ما منحه به ربه من المعارف و الأسرار لا يظهر ذلك إلا من أجل ربه لا على طريق الفخر على أبناء جنسه فحاشاه من ذلك كما

قال صلى اللّٰه عليه و سلم حين أمر أن يعرف الناس بمنزلته أنا سيد ولد آدم هذا الذي قيل له قل ثم قال من نفسه و لا فخر يقول إني ما قصدت بهذا الكلام الفخر و لكن عرفتكم بالمقام الإلهي عن الأذن و أما إذا كان تعريف العارف منزلته للناس عن غير أمر إلهي و لا إذن رباني فإنه هوى نفس بتأويل ظهر له

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 626
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست