responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 596



روحت كل من أشب بها نقلة عن مراتب البشر
غيرة إن يشاب رائقها بالذي في الحياض من كدر
أريد أن المحب إذا تعشق من صفته هذه حكم عليه هذا المعشوق فنقله إليه و كساه من ملابسه فأخرجه عن الذي يقتضيه عالم الطبيعة من كدر الشبه إذا كان المعشوق علما و الشبهات و الحرام إذا كان المعشوق عملا و الشهوات الطبيعية إذا كان المعشوق روحا مجردا عن المواد و عن البشرية إذا كان المعشوق ملكا و عما سوى اللّٰه إذا كان المحبوب هو اللّٰه فالمحب الصادق من انتقل إلى صفة المحبوب لا من أنزل المحبوب إلى صفته أ لا ترى الحق سبحانه لما أحبنا نزل إلينا في ألطافه الخفية بما يناسبنا مما يتعالى جده و كبرياؤه عن ذلك فنزل إلى التبشبش بنا إذا جئنا إلى بيته نقصد مناجاته و إلى الفرح بتوبتنا و رجوعنا إليه من إعراضنا عنه و التعجب من عدم صبوة الشاب من الشاب الذي هو في محل حكم سلطانها و إن كان ذلك بتوفيقه و إلى نيابته عنا في جوعنا و عطشنا و مرضنا و إنزاله نفسه إلينا منزلتنا

لما جاع بعض عبيده قال للآخرين جعت فلم تطعمني و لما عطش آخر من عباده قال سبحانه لعبد آخر ظمئت فلم تسقني و لما مرض آخر من عباده قال لآخر من عباده مرضت فلم تعدني فإذا سأله هؤلاء العبيد عن هذا كله يقول لهم أما إن فلانا مرض فلو عدته لوجدتني عنده أما إنه جاع فلان فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي أما إنه عطش فلان فلو سقيته لوجدت ذلك عندي و الخبر صحيح فهذا من ثمرة المحبة حيث نزل إلينا فلهذا قلنا إن الصدق في المحبة يجعل المحب يتصف بصفة المحبوب و كذا العبد الصادق في محبته ربه يتخلق بأسمائه فيتخلق بالغنى عن غير اللّٰه و بالعز بالله تعالى و بالعطاء بيد اللّٰه تعالى و بالحفظ بعين اللّٰه تعالى و قد علم العلماء التخلق بأسماء اللّٰه و دونوا في ذلك الدواوين و سبب ذلك لما أحبوه اتصفوا بصفاته على حد ما يليق بهم ثم نرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ إن العلوم و أعني بها المعلومات إذا ظهرت بذواتها للعلم و أدركها العلم على ما هي عليه في ذواتها فذلك العلم الصحيح و الإدراك التام الذي لا شبهة فيه البتة و سواء كان ذلك المعلوم وجودا أو عدما أو نفيا أو إثباتا أو كثيفا أو لطيفا أو ربا أو مربوبا أو حرفا أو معنى أو جسما أو روحا أو مركبا أو مفردا أو ما أنتجه التركيب أو نسبة أو صفة أو موصوفا فمتى ما خرج شيء مما ذكرناه عن إن يبرز للعلم بذاته و برز له في غير صورته فبرز العدم له في صورة الوجود و بالعكس و النفي في صورة الإثبات و بالعكس و اللطيف في صورة الكثيف و بالعكس و الرب بصفة المربوب و المربوب بصفة الرب و المعاني في صور الأجسام كالعلم في صورة اللبن و الثبات في الدين في صورة القيد و الايمان في صورة العروة و الإسلام في صورة العمد و الأعمال في صور الأشخاص من الجمال و القبح فذلك هو الكدر الذي يلحق العلم فيحتاج من ظهر له هذا إلى قوة إلهية تعديه من هذه الصورة إلى المعنى الذي ظهر في هذه الصورة فيتعب و سبب ذلك حضرة الخيال و التمثل و القوة المفكرة و أصل ذلك هذا الجسم الطبيعي و هو المعبر عنه بالحوض في هذا المنزل و قعر هذا الحوض هو خزانة الخيال و كدر ماء هذا الحوض المستقر في قعره هو ما يخرجه الخيال و التخيل عن صورته فيطرأ التلبيس على الناظر بما ظهر له فما يدري أي معنى لبس هذه الصورة فيتحير و لا يتخلص له ذلك أبدا من نظره إلا بحكم الموافقة و هو على غير يقين محقق فيما أصاب من ذلك إلا بأخبار من اللّٰه و لهذا

لما قام أبو بكر الصديق في هذا المقام و سأل تعبير الرؤيا و أمره النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بتعبيرها فلما فرغ سأل النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فيما عبره هل أصاب أو أخطأ فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أصبت بعضا و أخطأت بعضا فما علم الصديق إصابته للحق في ذلك من خطئه فلهذا قلنا إن المصيب في مثل هذا ليس على يقين فيما أصابه فلهذا جنح العارفون و امتنعوا أن يأخذوا العلم إلا من اللّٰه بطريق الوهب الذي طريقه في الأولياء الذكر لا الفكر فإن أعطوا المعاني مجردة و برزت لهم المعلومات بذواتها في صورها التي هي حقائقها فهو المقصود و إن أبرزها الحق لهم عند الذكر و هذا الطلب في غير صورها و حجب عنهم ذواتها أعطوا من القوة و النور النفوذ في تلك الصور إلى ما وراءها و هو الذي أريدت له هذه الصور و قيد بها فمشهوده على كل حال المعاني التي هي المقصود و هي في عالم الألفاظ و العبارات بمنزلة المنصوص و المحكم الذي لا إشكال فيه و لا تأويل و الآخر بمنزلة الظواهر التي تحمل المعاني المتعددة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 596
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست