responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 566

ينعدم و يبقى في فهم السامع مثال صورته فيتخيل إن الخاطر باق كما تخيل ذو النون في قوله أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ فقال كأنه الآن في أذني فما ذلك هو الكلام الذي سمع و إنما ذلك الباقي مما أخذ الفهم من صورة الكلام فثبت في النفس و القليل من أهل اللّٰه من يفرق بين الصورتين و لما كانت الخواطر من الخطاب الإلهي لذلك دعا من دعا من أهل اللّٰه الخلق إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ فإن الدعاء على بصيرة لا يكون إلا بالتعريف الإلهي و التعريف الإلهي لا يكون إلا كلاما لا غير ذلك ليرتفع الإشكال و لو كان التكوين عن غير كلمة كن لم يكن له ذلك الإسراع في قوله فيكون بفاء التعقيب و هي جواب الأمر لأن الذي يكون كان على بصيرة لأنه خطاب فلو كان غير خطاب لم يكن له هذا الحكم و لكن أين النفوس المراقبة العالمة المحسة التي تعرف الأمر على ما هو عليه و غاية الناظر في هذا الأمر أن يجعل ما هو خطاب حق في النفس إن ذلك المعبر عنه بالعلم الضروري خلقه اللّٰه في محل هذا الشخص لا غير و صاحب الكشف الصحيح يدري أن اللّٰه ما خلق له العلم الضروري بالأمر إلا بعد إسماعه إياه كلامه فيعلم عند ذلك ما أراد الحق بذلك الخطاب فذلك العلم هو العلم الضروري و لكن ما يشعر به إلا أهل الشعور من أصحاب الأسرار الإلهية من أهل اللّٰه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الخامس و الستون و مائتان في معرفة الوارد»



تعشقت بالصادر الوارد تعشق شفعي بالواحد
و أسماؤه كلها ورد سراعا لتخفى على الراصد
و تعطي بآثارها همة إلى كل قلب لها قاصد

[كل اسم إلهى يرد على القلب فهو الوارد]

الوارد عند القوم و عندنا ما يرد على القلب من كل اسم إلهي فالكلام عليه بما هو وارد لا بما ورد فقد يرد بصحو و بسكر و بقبض و ببسط و بهيبة و بأنس و بأمور لا تحصى و كلها واردات غير أن القوم اصطلحوا على أن يسموا الوارد ما ذكرناه من الخواطر المحمودة

[أن الوارد بما هو وارد لا يتقيد بحدوث و لا قدم]

فاعلم يا أخي أن الوارد بما هو وارد لا يتقيد بحدوث و لا قدم فإن اللّٰه قد وصف نفسه مع قدمه بالإتيان و الورود إتيان و الوارد قد تختلف أحواله في الإتيان فقد يرد فجأة كالهجوم و البوادة و قد يرد غير فجأة عن شعور من الوارد عليه بعلامات و قرائن أحوال تدل على ورود أمر معين يطلبه استعداد المحل و كل وارد إلهي لا يأتي إلا بفائدة و ما ثم وارد الإلهي كونيا كان أو غير كوني و الفائدة التي تعم كل وارد ما يحصل عند الوارد عليه من العلم من ذلك الورود و لا يشترط فيه ما يسره و لا ما يسوءه فإن ذلك ما هو حكم الوارد و إنما حكم الوارد ما حصل من العلم و ما وراء ذلك فمن حيث ما ورد به لا من حيث نفسه فيأتي اللّٰه يوم القيامة للفصل و القضاء بين الناس فمن الناس من يقضي له بما فيه سعادته و من الناس من يقضي له بما فيه شقاوته و الإتيان واحد و القضاء واحد و المقضي به مختلف و الوارد لا يخلو ما أن يكون متصفا بالصدور في حال وروده فيكون واردا من حيث من ورد عليه صادرا من حيث من صدر عنه فلا بد أن يكون هذا الوارد محدثا من اللّٰه و إن لم يتصف بالصدور في حال وروده فإنه وارد قديم و الورود نسبة تحدث له عند العبد الوارد عليه فالواحد صادر وارد و الآخر وارد لا غير و ما ثم قديم يرد غير الأسماء الإلهية فإن وردت من حيث العين فلا تختلف في الورود و إن وردت من حيث الحكم فتختلف باختلاف الأحكام فإنها مختلفة الحقائق إلا ما تكون عليه من دلالتها على العين فلا تختلف و سواء كان الوارد قديما أو محدثا فإن الذي ورد به لا بد أن يكون محدثا و هو الذي يبقى عند الوارد عليه و ينصرف الوارد و لا بد من انصرافه و سبب ذلك بقاء الحرمة عليه فإنه لا بد من وارد آخر يرد عليه فلا بد من القبول عليه من هذا الشخص و الإعراض عمن يكون هناك فيقع عدم وفاء باحترام الوارد الأول فلهذا يرحل بعد أداء ما ورد به فإذا ورد الوارد الثاني وجده مفرغا له فاستقبله و ما ثم خاطر يجذبه عنه بتعلقه به فكل وارد يصدر عنه بحرمته و حشمته فيثني عليه خيرا عند اللّٰه فيكون ذلك الثناء سعادته و الواردات على الحقيقة إذا كانت محدثة فما هي سوى عين الأنفاس و الذي ترد به من الأمور و الأحكام هي التي تعرفها أهل الطريق بالواردات فإن الأنفاس هي الحاملة لصور هذه الواردات فليست الواردات المحدثة فإنها بأنفسها بل هي صور الأنفاس فتختلف صورها باختلاف أحكام الأسماء الإلهية فيها فالوارد لها كالتحيز للعرض بحكم التبعية للجوهر فيه فالجوهر هو المتحيز لا العرض كذلك النفس هو الوارد لا الصورة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 566
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست