responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 462

(الفصل الثالث و الثلاثون)في الاسم الإلهي الرزاق

و توجهه على إيجاد النبات من المولدات و له من الحروف الثاء المعجمة بالثلاث و له من المنازل سعد بلع قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ هُوَ الرَّزّٰاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ و قال أَ فَرَأَيْتُمُ النّٰارَ الَّتِي تُورُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهٰا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ نَحْنُ جَعَلْنٰاهٰا تَذْكِرَةً وَ مَتٰاعاً لِلْمُقْوِينَ فجعلها للعلماء تذكرة

[فبالاختلاف المرزوقين اختلف الأرزاق]

فجاء بالاسم الرزاق بهذه البنية للمبالغة لاختلاف الأرزاق و هي مع كثرتها و اختلافها منه لا من غيره و إن المرزوقين مختلف قبولهم للأرزاق فما يتغذى به حيوان ما قد لا يصلح أن يكون لحيوان آخر لأن المراد بتناول الرزق بقاء المرزوق فإذا أكل ما فيه حتفه فما تغذى به و ما هو رزق له و إن كان به قوام غيره فلذلك تسمى ببنية المبالغة في ذلك و نعت هذا الرزاق بذي القوة المتين و لو نعت به اللّٰه لقال ذا القوة المتين فنصب و لا يتمكن نعت الاسم اللّٰه من حيث دلالته فإنه جامع للنقيضين فهو و إن ظهر في اللفظ فليس المقصود إلا اسما خاصا منه تطلبه قرينة الحال بحسب حقيقة المذكور بعده الذي لأجله جاء الاسم الإلهي فإذا قال طالب الرزق المحتاج إليه يا اللّٰه ارزقني و اللّٰه هو المانع أيضا فما يطلب بحاله إلا الاسم الرزاق فما قال بالمعنى إلا يا رزاق ارزقني و من أراد الإجابة في الأمور من اللّٰه فلا يسأله إلا بالاسم الخاص بذلك الأمر و لا يسأل باسم يتضمن ما يريده و غيره و لا يسأل بالاسم من حيث دلالته على ذات المسمى و لكن يسأل من حيث المعنى الذي هو عليه الذي لأجله جاء و تميز به عن غيره من الأسماء تميز معنى لا تميز لفظ

[الأرزاق إما معنوي و إما حسي]

و اعلم أن الأرزاق منها معنوي و منها حسي و المرزوقين منهم معقول و منهم محسوس و رزق كل مرزوق ما كان به بقاؤه و نعيمه إن كان ممن يتنعم و حياته إن كان ممن يوصف بأنه حي و ليست الأرزاق لمن جمعها و إنما الأرزاق لمن تغذى بها يحكي أنه اجتمع متحرك و ساكن فقال المتحرك الرزق لا يحصل إلا بالحركة و قال الساكن الرزق يحصل بالحركة و السكون و بما شاء اللّٰه و قد فرغ اللّٰه منه فقال المتحرك فأنا أتحرك و أنت اسكن حتى أرى من يرزق فتحرك المتحرك فعند ما فتح للباب وجد حبة عنب فقال الحمد لله غلبت صاحبي فدخل عليه و هو مسرور فقال له يا ساكن تحركت فرزقت و رمى بحبة العنب إلى الساكن فأخذها الساكن فأكلها و حمد اللّٰه و قال يا متحرك سكنت فأكلت و الرزق لمن تغذى به لا لمن جاء به فتعجب المتحرك من ذلك و رجع إلى قول الساكن و المقصود من هذه الحكاية أن الرزق لمن تغذى به فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم و كان فيه بقاؤها و نعيمها و فرحها و سرورها و أول مرزوق في الوجود الأسماء فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها الذي به غذاؤها و بقاء الأسماء عليها و هذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين و بقاء المضافين من كونهما مضافين إنما هو بوجود الإضافة فالإضافة رزق المتضايفين و به غذاؤهما و بقاؤهما متضايفين فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبه الاسم الرزاق و هو من جملة المرزوقين فهو أول من تغذى بما رزق فأول ما رزق نفسه ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها و هو أثره في العالم المعقول و المحسوس ثم نزل في النفس الإلهي بعد الأسماء فوجد الأرواح الملكية فرزقها التسبيح ثم نزل إلى العقل الأول فغذاه بالعلم الإلهي و العلم المتعلق بالعالم الذي دونه و هكذا لم يزل ينزل من عين ما يطلب ما به بقاؤه و حياته إلى عين حتى عم العالم كله بالرزق فكان رزاقا فلما وصل إلى النبات و رأى ما يحتاج إليه من الرزق المعين فأعطاه ما به غذاؤه فرأى جل غذائه في الماء فأعطاه الماء له و لكل حي في العالم و جعله رزقا له ثم جعله رزقا لغيره من الحيوان فهو و الحيوان رزق و مرزوق فيرزق فيكون مرزوقا و يرزق به فيكون رزقا و هكذا جميع الحيوان يتغذى و يتغذى به فالكل رزق و مرزوق و إنما أعطى الماء رزقا لكل حي لأنه بارد رطب و العالم في عينه غلبت عليه الحرارة و اليبوسة و سبب ذلك أن العالم مقبوض عليه قبضا لا يتمكن له الانفكاك عنه لأنه قبض إلهي واجب على كل ممكن فلا يكون إلا هكذا و الانقباض في المقبوض يبس بلا شك فغلب عليه اليبس فهو يطلب بذاته لغلبة اليبس ما يلين به و يرطب فتراه محتاجا من حيث يبسه إلى الرطوبة و أما احتياجه إلى البرودة فإن العالم مخلوق على الصورة و رأى أن من خلق على صورته مطلق الوجود يفعل ما يريد فأراد أن يكون بهذه المثابة و يخرج عن القبض عليه فيكون مسرح العين غير مقبوض عليه في الكون و الإمكان يأبى ذلك و الصورة تعطيه القوة لهذا الطلب و لا ينال مطلوبه فيدركه الغبن فيحمى فتغلب الحرارة عليه فيتأذى فيخاف الانعدام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 462
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست