responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 409

لا بلسان رسوله بل بلسان رسالته جازاه مجازاة إلهية لا تعرف يدخل تحت

قوله ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر انتهى الجزء التاسع عشر و مائة >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(التوحيد العاشر)

من نفس الرحمن قوله وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا إِلٰهاً وٰاحِداً لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ سُبْحٰانَهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ هذا توحيد الأمر بالعبادة و هو من أعجب الأمور كيف يكون الأمر فيما هو ذاتي للمأمور فإن العبادة ذاتية للمخلوقين ففيم وقع الأمر بالعبادة فأما في حق المؤمنين فأمرهم إن يعبدوه من حيث أحدية العين لما قال في حق طائفة قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ فما هي هذه الطائفة التي أمرت أن تعبد إلها واحدا فلا تنظروا في الأسماء الإلهية من حيث ما تدل على معان مختلفة فتتعبدهم معانيها فتكون عبادتهم معلولة حيث رأوا أن كل حقيقة منهم مرتبطة بحقيقة إلهية يتعلق افتقارها القائم بها إليها و هي متعددة فإن حقيقة الطلب للرزق إنما تعبد الرزاق و حقيقة الطلب للعافية إنما تعبد الشافي فقيل لهم لا تعبدوا إلا إلها واحدا و هو أن كل اسم إلهي و إن كان يدل على معنى يخالف الآخر فهو أيضا يدل على عين واحدة تطلبها هذه النسب المختلفة و أما من حمل العبادة هنا على الأعمال فلا معرفة له باللسان فالعمل صورة و العبادة روح لتلك الصورة العملية التي أنشأها المكلف و أما غير المؤمنين و هم المشركون فهم الذين نسبوا الألوهة إلى غير من يستحقها و وضعوا اسمها على غير مسماها و ادعوا الكثرة فيها كما ادعوا الكثرة في الإنسانية فدعواهم فيها صحيحة و ما عرفوا بطلانها في الإلهية و لذلك تعجبوا من توحيدها فقالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ و ما علموا إن جعل الألوهة في الكثيرين أعجب فقيل لهم و إن كنتم ما عبدتم كل من عبدتموه إلا بتخيلكم إن الألوهة صفته فما عبدتم غيرها ليس الأمر كذلك فإنكم شهدتم على أنفسكم إنكم ما تعبدونها إلا لتقربكم إلى اللّٰه زلفى فأقررتم مع شرككم إن ثم إلها كبيرا هذه الآلهة خدمتكم إياها تقربكم من اللّٰه فهذه دعوى بغير برهان و هو قوله وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ و هذه أرجى آية للمشرك عن نظر جهد الطاقة و تخيله في شبهه أنها برهان فيقوم له العذر عند اللّٰه فإذ و قد اعترفوا أنهم عبدوا الشريك ليقربهم إلى اللّٰه زلفى فتح القائل على نفسه باب الاعتراض عليه بأن يقال له و من أين علمتم إن هذه الحجارة أو غيرها لها عند اللّٰه من المكانة بحيث أن جعلها معبودة لكم كما قال فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ فالذين عبدوا من ينطق و يدعي الألوهة أقرب حالا من عبادة من لا يسمع و لا يبصر و لا يغني عنهم شيئا و هذا قول إبراهيم لأبيه : و هو الذي قال فيه تعالى وَ تِلْكَ حُجَّتُنٰا آتَيْنٰاهٰا إِبْرٰاهِيمَ عَلىٰ قَوْمِهِ و أبوه من قومه و هذه و غيرها من الحجة التي أعطاه اللّٰه فأمرهم اللّٰه أن لا يعبدوا إلا إلها واحدا لا إله إلا هو في نفس الأمر سبحانه أي هو بعيد أن يشرك في ألوهته فهذا توحيد الأمر

(التوحيد الحادي عشر)

من نفس الرحمن قوله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ هذا توحيد الاستكفاء و هو من توحيد الهوية لما قال اللّٰه تعالى وَ تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوىٰ فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره فمنا من قال لو لا إن اللّٰه قد علم إن لنا مدخلا صحيحا في إقامة ما كلفنا من البر و التقوى ما أحالنا علينا و منا من قال التعاون الذي أمرنا به على البر و التقوى أن يرد كل واحد منا صاحبه إلى ربه في ذلك و يستكفي به فيما كلفه و هو قوله اِسْتَعِينُوا بِاللّٰهِ خطاب تحقيق وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاٰةِ خطاب ابتلاء فإذا سمع القوم اللذين قالوا إن لنا مدخلا محققا في العمل و لهذا أمرنا بالتعاون ما قاله من جعله خطاب ابتلاء أو حمله على الرد إلى اللّٰه في ذلك لما علمنا أن نقول وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ و اِسْتَعِينُوا بِاللّٰهِ و هو قول موسى لقومه مع أنهم ما طلبوا معونة اللّٰه إلا و عندهم ضرب من الدعوى و لكن أعلى من أصحاب المقام الأول و أقرب إلى الحق فتولوا عنهم في هذا النظر و لم يقولوا به فكيف حالهم مع من هو مشهده وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ فقال تعالى لهم فَإِنْ تَوَلَّوْا عما دعوتموهم إليه فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ أي في اللّٰه الكفاية لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فإذا كان رب العرش و العرش محيط بعالم الأجسام و أنت من حيث جسميتك أقل الأجسام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست