responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 347

بما يحمله من المحبة حبه إلهي و شوقه رباني مؤيد باسمه القدوس عن تأثير الكلام المحسوس برهان ذلك هذا الذي ذاب حتى صار ماء لو لم يكن ذا حب ما كان هذا حاله فقد كان محبا و لم يذب حتى سمع كلام الشيخ فثار كامن حبه فكان منه ما كان فحب لا حكم له في المحب حتى يثيره كلام متكلم حب طبيعي لأن الطبيعة هي التي تقبل الاستحالة و الإثارة إذ قد كان موصوفا بالحب قبل كلام الشيخ و لم يذب هذا الذوبان الذي صيره ماء بعد ما كان عظما و لحما و عصبا فلو كان إلهي الحب ما أثرت فيه كلمات الحروف و لا هزت روحانيته هذه الظروف فاستحى من دعواه في الحب و قام في قلبه نار الحياء فما زال يحلله إلى أن صار كما حكي فلا يلحق التغيير في الأعيان و التنقل في أطوار الأكوان إلا صاحب الحب الطبيعي و هذا هو الفرقان بين الحب الروحاني الإلهي و بين الحب الطبيعي و الحب الروحاني وسط بين الحب الإلهي و الطبيعي فيما هو إلهي يبقى عينه و بما هو طبيعي يتغير الحال عليه و لا يفنيه فالفناء أبد من جهة الحب الطبيعي و بقاء العين من جانب الحب الإلهي جبريل لما كان حبه روحانيا و هو روح و له وجه إلى الطبيعة من حيث جسميته لأن الأجسام الطبيعية الخارجة عن العناصر لا تستحيل بخلاف الأجسام العنصرية فإنها تستحيل لأنها عن أصول مستحيلة و الطبيعة لا تستحيل في نفسها لأن الحقائق لا تنقلب أعيانها فغشي على جبريل و لم يذب عين جوهر جسمه كما ذاب صاحب الحكاية فغشي عليه من حيث ما فيه من حب الطبيعة و بقي العين منه من حيث حبه الإلهي فالمحب الإلهي روح بلا جسم و المحب الطبيعي جسم بلا روح و المحب الروحاني ذو جسم و روح فليس للمحب الطبيعي العنصري روح يحفظه من الاستحالة فلهذا يؤثر الكلام في المحبة في المحب الطبيعي و لا يؤثر في المحب بالحب الإلهي و يؤثر بعض تأثير في المحب بالحب الروحاني حدثنا محمد بن إسماعيل اليمني بمكة قال حدثنا عبد الرحمن بن علي قال أنا أبو بكر بن حبيب العامري قال أنا علي بن أبي صادق قال أخبرنا أبو عبد اللّٰه بن باكويه الشيرازي قال أخبرنا بكران بن أحمد قال سمعت يوسف بن الحسين قال كنت قاعدا بين يدي ذي النون و حوله ناس و هو يتكلم عليهم و الناس يبكون و شاب يضحك فقال له ذو النون ما لك أيها الشاب الناس يبكون و أنت تضحك فأنشأ يقول

كلهم يعبدون من خوف نار و يرون النجاة حظا جزيلا
ليس لي في الجنان و النار رأى أنا لا أبتغي بحبي بديلا
فقيل له فإن طردك فما ذا تفعل فقال

فإذا لم أجد من الحب وصلا رمت في النار منزلا و مقيلا
ثم أزعجت أهلها ببكائي بكرة في ضريعها و أصيلا
معشر المشركين نوحوا على أنا عبد أجبت مولا جليلا
إن لم أكن في الذي ادعيت صدوقا فجزاني منه العذاب الوبيلا
و خدمت أنا بنفسي امرأة من المحبات العارفات بإشبيلية يقال لها فاطمة بنت ابن المثنى القرطبي خدمتها سنين و هي تزيد في وقت خدمتي إياها على خمس و تسعين سنة و كنت أستحي أن أنظر إلى وجهها و هي في هذا السن من حمرة خديها و حسن نعمتها و جمالها تحسبها بنت أربع عشرة سنة من نعمتها و لطافتها و كان لها حال مع اللّٰه و كانت تؤثرني على كل من يخدمها من أمثالي و تقول ما رأيت مثل فلان إذا دخل علي دخل بكله لا يترك منه خارجا عني شيئا و إذا خرج من عندي خرج بكله لا يترك عندي منه شيئا و سمعتها تقول عجبت لمن يقول إنه يحب اللّٰه و لا يفرح به و هو مشهوده عينه إليه ناظرة في كل عين لا يغيب عنه طرفة عين فهؤلاء البكاءون كيف يدعون محبته و يبكون أ ما يستحيون إذا كان قربه مضاعفا من قرب المتقربين إليه و المحب أعظم الناس قربة إليه فهو مشهوده فعلى من يبكي إن هذه لأعجوبة ثم تقول لي يا ولدي ما تقول فيما أقول فأقول لها يا أمي القول قولك قالت إني و اللّٰه متعجبة لقد أعطاني حبيبي فاتحة الكتاب تخدمني فو الله ما شغلتني عنه فذلك اليوم عرفت مقام هذه المرأة لما قالت إن فاتحة الكتاب تخدمها فبينا نحن قعود إذ دخلت امرأة فقالت لي يا أخي إن زوجي في شريش شذونة أخبرت أنه يتزوج بها فما ذا ترى قلت لها و تريدين أن يصل قالت نعم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست