responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 171

اتَّبَعُوا فكان ص أعظم مجلى إلا هي علم به علم الأولين و الآخرين و من الأولين علم آدم بالأسماء و أوتي محمد ص جوامع الكلم و كلمات اللّٰه لا تنفد و له السيادة التي لا تبعد على الناس يوم القيامة فيشفع في الشافعين أن يشفعوا من ملك و رسول و نبي و ولي و مؤمن و له المقام المحمود في اليوم المشهود

[اختيار مريم و آسية]

و أما اختياره مريم و آسية فهو إلحاقهما بالكمال الذي للرجال مع وجود الدرجة التي للرجال عليهن : فإن تلك الدرجة وجودية فلا تزول

[اختيار السدرة]

و أما اختياره السدرة فلأنها موضع انتهاء أعمال العباد و موضع الفضل و بظلها تستظل صور الأعمال و غشاها اللّٰه من الأنوار ما غشى ألا إن تلك الأنوار أنوار الأعمال فلا يستطيع أحد أن ينعتها و تلك الأنوار كما قلنا أنوار الأعمال تنبعث من صورها فتغشاها فلا يستطيع أحد أن ينعتها فإن النعت للأشياء تقييد و تمييز و الأعمال تختلف و لها مراتب و أنوارها على قدر مراتبها فعال و أعلى و مضيء و أضوأ و نعت العالي يناقض الأعلى و نعت المضيء يقابل الأضوأ من حيث ما هو أضوأ فلا يتقيد بنعت لأنك إن قيدتها بنعت أبطله لك نقيضه فما وفيتها حقها في النعتية إذ لم تكن أنوار الأعمال على درجة واحدة و قد غشيتها هذه الأنوار و غطتها فلا يقدر أحد يصل إلى نعتها فهم و إن استظلوا بها فقد كسوها من ملابس الأنوار ما فضلت به جميع الأشجار و هي طعام و غاسول و نبقها كالقلال منه ترزق أرواح الشهداء

[اختيار البيت المعمور]

و أما اختياره البيت المعمور فلأنه مخصوص بعمارة ملائكة يخلقون كل يوم من قطرات ماء نهر الحياة الواقعة من انتفاض الروح الأمين فإنه ينغمس في نهر الحياة كل يوم غمسة لأجل خلق هؤلاء الملائكة عمرة البيت المعمور و هم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لا يعودون إليه أبدا و بقي السر في المكان الذي يعمرونه هؤلاء الملائكة و ما ثم خلاء و العالم كله قد ملأ الخلأ فابحث عليه فإنه علم جليل يوقفك على علم استحالات الأعيان في الأعيان و تقلب الخلق في الأطوار فتعلم أَنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لا على ما ليس بشيء فإن لا شيء لا يقبل الشيئية إذ لو قبلها ما كانت حقيقته لا شيء و لا يخرج معلوم عن حقيقته فلا شيء محكوم عليه بأنه لا شيء أبدا و ما هو شيء فمحكوم عليه بأنه شيء أبدا

[اختيار الحجر الأسود]

و أما اختياره الحجر الأسود فلأنه أنزله ليقيمه مقام يمينه في البيعة الإلهية إذ لم يكن في المعارف و العبادات أعظم ملازمة لما عرف و لما تعبد به من العبادات فإنها فطرت على المعرفة و العبادة المحضة التي عجزت عنها حقيقة النبات و الحيوان و لهذا ليس شيء منه في الإنسان جملة واحدة فإن جميع ما في الإنسان يقبل النمو و هو للنبات كما إن الحيوان له التصرف في الجهات فكلما فارق موجود المعدن التبس بصورة الدعوى بحقيقته فهي منازعة خفية لا يشعر بها كل عالم و قد نبه على بعض ذلك سهل و ما و في الأمر فيها ما هو عليه فلا أدري هل علم و اكتفى بما ذكر أو ما أطلعه اللّٰه في ذلك الوقت على أكثر مما ذكر و اللّٰه أعلم فاختاره اللّٰه يمينا

[اختيار القلب من الإنسان]

و أما اختياره من الإنسان القلب و هو الذي وسعه لأنه كل يوم في شأن : و اليوم قدر نفس المتنفس في الزمان الفرد و به سمي قلبا لتقلبه أ لا تراه بين أصبعي الرحمن فما يقلبه إلا الرحمن ليس لغيره من الأسماء معه فيه دخول و لا يعطي الاسم الرحمن إلا ما في حقيقته فرحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فما من أمر تراه في تقلبه مما يؤدي إلى عناء و عذاب و شقاء إلا و فيه رحمة خفية لأنه بأصابع الرحمن يقلب فإن شاء أقامه و إن شاء أزاغه عن تلك الإقامة فهو ميل إضافي فمال القلب إلى الرحمة بحكم سلطان هذا الاسم الذي قلبه في الزيغ كما قلبه في الإقامة فهي بشرى من اللّٰه إلى عباده ف‌ يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ و ما ذكر سرفا من سرف فعم جميع حالات المسرفين في السرف لاٰ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ فإن الذي أزاغكم أصبع الرحمن إِنَّ اللّٰهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً و هو خبر لا يدخله النسخ فيجمع بين قوله هذا و بين قوله إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فيؤاخذ على الشرك ما شاء اللّٰه ثم يحكم عليه أصبع الرحمن فيئول إلى الرحمن و أمور أخر من الزيغ مما دون الشرك يغفر منها ما يغفر بعد العقوبة و هم أهل الكبائر الذين يخرجون من النار بالشفاعة بعد ما رجعوا حمما مع كونهم ليسوا بمشركين و الايمان بذلك واجب و منها ما يغفر ابتداء من غير عقوبة فلا بد من المال إلى الرحمة

[اختيار الاجتماع من الأكوان]

و أما اختياره من الأكوان الاجتماع فإنه يعطي الافتراق بالتمييز في عين الجمع فلا بد من رب و مربوب و من قادر و مقدور فالجمع مختار لا بد منه لما تعطيه حقائق الأسماء الإلهية من التعلق

[اختيار الأبيض من الألوان]

و أما اختياره من الألوان البياض فلأن الملونات كلها تستحيل إليه و لا يستحيل إليها بل بياضيته كامنة فيه مستورة لحجاب اللون الذي يظهر في العين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست