responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 162

من النار و أشجار الجنة مغروسة في تلك التربة المسكية كما يقتضي حال نبات هذه الدار الدنيا الزبل لما فيه من الحرارة الطبيعية لأنه معفن و الحرارة تعطي التعفين في الأجسام القابلة للتعفين و هذا القدر كاف في تقوى النار أعاذنا اللّٰه منها في الدارين

(الباب الثامن و الثمانون في معرفة أسرار أصول أحكام الشرع)



الشرع ما شرع الإله تخلقا فهو العليم بحقهم و بحقه
فإذا أتى عبد يشرع شرعة قام الإله بحقها في حقه
و الشرعتان هما من أصل واحد ما لم يقل قال الإله لخلقه
فإذا يقول فإنها أحبولة نجم القرين بنجمها من أفقه
ليصدقوا ما قلدوا أفكارهم فهو الكذوب و إن أتاك بصدقه
فلتعتبر أحكام أصل كتابها فلربما غص اللعين بريقه

[أصول الشرع المتفق عليها و المختلف فيها]

اعلم أن أصول أحكام الشرع المتفق عليها ثلاث الكتاب و السنة المتواترة و الإجماع و اختلف العلماء في القياس فمن قائل بأنه دليل و أنه من أصول الأحكام و من قائل بمنعه و به أقول

[التقوى عمل مشروع فلا بد أن ينسب حكمه إلى دليل أو أصل شرعي]

قال اللّٰه تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و قال إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً و قال اِتَّقُوا اللّٰهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ مثل قوله في عبده خضر آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً فجعل إعطاءه العلم عبده من رحمته و التقوى عمل مشروع لنا فلا بد أن تكون التقوى نسبة حكمه إلى دليل من هذه الأدلة أو إلى كلها في أي مسألة يلزمنا فيها تقوى اللّٰه

[الأصول الفاعلة و المنفعلة في الشرع و الحقائق الإلهية و الكونية]

قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و هما الأصلان الفاعلان و الإجماع و القياس إنما يثبتان و تصح دلالتهما بالكتاب و السنة فهما أصلان في الحكم منفعلان فظهرت عن هذه الأربع الحقائق نشأة الأحكام المشروعة التي بالعمل بها تكون السعادة فإن الموجودات ظهرت عن أربع حقائق إلهية و هي الحياة و العلم و الإرادة و القدرة و الأجسام ظهرت عن أربع حقائق عن حرارة و برودة و يبوسة و رطوبة و المولدات ظهرت عن أربعة أركان نار و هواء و ماء و تراب و جسم الإنسان و الحيوان ظهر عن أربعة أخلاط صفرا و سودا و دم و بلغم فالحرارة و البرودة فاعلان و الرطوبة و اليبوسة منفعلتان فاعلم

[المعنى البعيد لقول الجنيد:علمنا مقيد بالكتاب و السنة]

و لما كان من لا يؤمن بالشرائع المنزلة يشاركنا بالرياضة و المجاهدة و تخليص النفس من حكم الطبيعة يظهر عليه الاتصال بالأرواح الطاهرة الزكية و يظهر حكم ذلك الاتصال عليه مثل ما يظهر من المؤمنين العاملين منا بالشرائع المنزلة بما وقع من التشبيه و الاشتراك فيما ذكرناه عند عامة الناس و نطقنا بالعلوم التي يعطيها كشف الرياضة و إمداد الأرواح العلوية و انتقش في هذه النفوس الفاضلة جميع ما في العالم فنطقوا بالغيوب قال الجنيد علمنا هذا و إن وقع فيه الاشتراك بيننا و بين العقلاء فأصل رياضتنا و مجاهدتنا و أعمالنا التي أعطتنا هذه العلوم و الآثار الظاهرة علينا إنما كان من عملنا على الكتاب و السنة فهذا معنى قوله علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و تتميز يوم القيامة عن أولئك بهذا القدر فإنهم ليس لهم في الإلهيات ذوق فإن فيضهم روحاني و فيضنا روحاني و إلهي لكوننا سلكنا على طريقة إلهية تسمى شريعة فأوصلتنا إلى المشرع و هو اللّٰه تعالى لأنه جعلها طريقا إليه فاعلم ذلك

[الإجماع لا بد أن يستند إلى نص و إن لم ينطق به]

و لما كان شرع اللّٰه و حكمه في حركات الإنسان المكلف لا يؤخذ إلا من القرآن كذلك لم توجد إلا بالمتكلم به و هو اللّٰه تعالى فقال للشيء كن فكان فالقرآن أقوى دليل يستند إليه أو ما صح عن رسول اللّٰه ص الذي قام الدليل على صدقه أنه مخبر عن اللّٰه جميع ما شرعه في عبيد اللّٰه و قد يكون ذلك الخبر إما بإجماع من الصحابة و هو الإجماع أو من بعضهم بنقل العدل عن العدل و هو خبر الواحد و بأي طريق وصل إلينا فنحن متعبدون بالعمل به بلا خلاف بين علماء الإسلام و لهذا يقول أهل الأصول في الإجماع إنه لا بد أن يستند إلى نص و إن لم ينطق به

[القياس مختلف في اتخاذه دليلا شرعيا و أصلا دينيا]

و أما القياس فمختلف في اتخاذه دليلا و أصلا فإن له وجها في المعقول ففي مواضع تظهر قوة الأخذ به على تركه و في مواضع لا يظهر ذلك و مع هذا فما هو دليل مقطوع به فأشبه خبر الآحاد فإن الاتفاق على الأخذ به مع كونه لا يفيد العلم و هو أصل من أصول إثبات الأحكام فليكن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست