responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 96

الحق القلب و هذا لا يقدر الإنسان يدفع علمه عن نفسه لذلك

كان ع يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك و في هذا الحديث إن إحدى أزواجه قالت له أ و تخاف يا رسول اللّٰه فقال صلى اللّٰه عليه و سلم قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع اللّٰه يشير صلى اللّٰه عليه و سلم إلى سرعة التقليب من الايمان إلى الكفر و ما تحتهما قال تعالى فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا و هذا الإلهام هو التقليب و الأصابع للسرعة و الاثنينية لها خاطر الحسن و خاطر القبيح فإذا فهم من الأصابع ما ذكرته و فهمت منه الجارحة و فهمت منه النعمة و الأثر الحسن فبأي وجه تلحقه بالجارحة و هذه الوجوه المنزهة تطلبه فأما نسكت و نكل علم ذلك إلى اللّٰه تعالى و إلى من عرفه الحق ذلك من رسول مرسل أو ولي ملهم بشرط نفي الجارحة و لا بد و إما إن أدركنا فضول و غلب علينا إلا أن نرد بذلك على بدعي مجسم مشبه فليس بفضول بل يجب على العالم عند ذلك تبيين ما في ذلك اللفظ من وجوه التنزيه حتى يدحض به حجة المجسم المخذول تاب اللّٰه علينا و عليه و رزقه الإسلام فإن تكلمنا على تلك الكلمة التي توهم التشبيه و لا بد فالعدول بشرحها إلى الوجه الذي يليق بالله سبحانه أولى هذا حظ العقل في الوضع

(نفث روح في روع) [حظ القلب من الإصبعين]

الإصبعان سر الكمال الذاتي الذي إذا انكشف إلى الأبصار يوم القيامة يأخذ الإنسان أباه إذا كان كافرا و يرمي به في النار و لا يجد لذلك ألما و لا عليه شفقة بسر هذين الإصبعين المتحد معناهما المثنى لفظهما خلقت الجنة و النار و ظهر اسم المنور و المظلم و المنعم و المنتقم فلا تتخيلهما اثنين من عشرة و لا بد من الإشارة إلى هذا السر في هذا الباب في كلتا يديه يمين و هذه معرفة الكشف فإن لأهل الجنة نعيمين نعيما بالجنة و نعيما بعذاب أهل النار في النار و كذلك أهل النار لهم عذابان و كلا الفريقين يرون اللّٰه رؤية الأسماء كما كانوا في الدنيا سواء و في القبضتين اللتين جاءتا عن الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم في حق الحق سر ما أشرنا إليه و معناه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ القبضة و اليمين قال تعالى وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ... وَ السَّمٰاوٰاتُ مَطْوِيّٰاتٌ بِيَمِينِهِ نظر العقل بما يقتضيه الوضع أنه منع أولا سبحانه أن يقدر قدره لما يسبق إلى العقول الضعيفة من التشبيه و التجسيم عند ورود الآيات و الأخبار التي تعطي من وجه ما من وجوهها ذلك ثم قال بعد هذا التنزيه الذي لا يعقله إلا العالمون وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ عرفنا من وضع اللسان العربي أن يقال فلان في قبضتي يريد أنه تحت حكمي و إن كان ليس في يدي منه شيء البتة و لكن أمري فيه ماض و حكمي عليه قاض مثل حكمي على ما ملكته يدي حسا و قبضت عليه و كذلك أقول مالي في قبضتي أي في ملكي و إني متمكن في التصرف فيه أي لا يمنع نفسه مني فإذا صرفته ففي وقت تصرفي فيه كان أمكن لي أن أقول هو في قبضتي لتصرفي فيه و إن كان عبيدي هم المتصرفون فيه عن إذني فلما استحالت الجارحة على اللّٰه تعالى عدل العقل إلى روح القبضة و معناها و فائدتها و هو ملك ما قبضت عليه في الحال و إن لم يكن لها أعني للقابض فيما قبض عليه شيء و لكن هو في ملك القبضة قطعا فهكذا العالم في قبضة الحق تعالى و الأرض في الدار الآخرة تعيين بعض الأملاك كما نقول خادمي في قبضتي و إن كان خادمي من جملة من في قبضتي فإنما ذكرته اختصاصا لوقوع نازلة ما و اليمين عندنا محل التصريف المطلق القوي فإن اليسار لا يقوي قوة اليمين فكنى باليمين عن التمكن من الطي فهي إشارة إلى تمكن القدرة من الفعل فوصل إلى أفهام العرب بألفاظ تعرفها و تسرع بالتلقي لها قال الشاعر

إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
و ليس للمجد راية محسوسة فلا تتلقاها جارحة يمين فكأنه يقول لو ظهر للمجد راية محسوسة لما كان محلها أو حاملها إلا يمين عرابة الأوسي أي صفة المجد به قائمة و فيه كاملة فلم تزل العرب تطلق ألفاظ الجوارح على ما لا يقبل الجارحة لاشتراك بينهما من طريق المعنى

(نفث روح في روع) [حظ القلب من اليمين و اليسار]

إذا تجلى الحق لسر عبد ملكه جميع الأسرار و ألحقه بالأحرار و كان له التصرف الذاتي من جهة اليمين فإن شرف الشمال بغيره و شرف اليمين بذاته ثم أنزل شرف اليمين بالخطاب و شرف الشمال بالتجلي شرف الإنسان بمعرفته بحقيقته و اطلاعه عليها و هو اليسار و كلتا يديه من حيث هو شمال كما إن كلتي يدي الحق يمين ارجع إلى معنى الاتحاد كلتا يدي العبد يمين ارجع إلى التوحيد إحدى يديه يمين و الأخرى شمال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست