responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 739

و سلم من قرآن و أخبار قال تعالى وَ أَوْحىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ فكان النبي صلى اللّٰه عليه و سلم يعرفنا في ردنا ما تعدد من الأحكام لعين واحدة لا يكون عن نظر عقلي و إنما يكون عن وهب إلهي و كشف رباني الذي لا تقدح فيه شبهة فهذا أعني تلبيد الرأس بالعسل دون غيره من الملبدات

(حديث ثاني عشر المحرم لا يطوف بعد طواف القدوم إلا طواف الإفاضة)

خرج البخاري عن ابن عباس قال انطلق النبي صلى اللّٰه عليه و سلم من المدينة يعني في حجة الوداع الحديث و فيه و لم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة يعني طواف القدوم

[أصل العبادات مبنية على التوقيف]

أصل أعمال العبادات مبنية على التوقيف ينبغي أن لا يزاد فيها و لا ينقص منها و المحرم بالحج كالمحرم بالصلاة فلا ينبغي أن يفعل فيها إلا ما شرع أن يفعل فيها و من الأفعال في العبادات ما هو مباح له فعله أو تركه و منها ما يكون من الفعل فيها مرغبا و منها أفعال تقدح في كمالها و منها أفعال تبطلها و لو كانت عبادة كمن تعين عليه كلام و هو في الصلاة فإن تكلم بذلك بطلت الصلاة أو فعل فعلا يجب عليه مما يبطل الصلاة فعله و لا خلاف بين العلماء في أنه إن طاف لا يؤثر في حجه فسادا و لا بطلانا

[الشبه بين الحق و العبد من جهة المباح]

الحقائق لا تتبدل فالتطوع لا يكون وجوبا و التطوع ما يكون المكلف فيه مخيرا إن شاء فعله و إن شاء تركه فله الفعل و الترك فمن رأى الترك لم يؤثر في حكم التطوع تحريما و لا كراهة و من رأى الفعل لم يؤثر في حكمه وجوبا و هذا سار في جميع أحكام الشرائع الخمسة فنسبة التطوع للعبد نسبة أفعال اللّٰه إلى اللّٰه لا يجب عليه فعلها و لا تركها و لهذا جعل المشيئة في ذلك فأكمل ما يكون العبد في اتصافه بصفة الحق في تصرفه في المباح فإن الربوبية ظاهرة فيه و الإباحة مقام النفس و عينها و خاطرها من الأحكام الخمسة الشرعية لأنها على الصورة أوجدها اللّٰه فلا بد أن يكون حكمها هذا و أما شبه الإيجاب فلا يكون ذلك إلا في النذر لا غيره فإن الحق أوجب على نفسه أمورا ذكرها لنا في كتابه و صاحب النذر أوجب على نفسه ما لم يوجب اللّٰه عليه ابتداء فما أوجب اللّٰه على العبد الوفاء بنذره إلا بالنسبة التي أوجب على نفسه فتقوى الشبه في وجوب النذر كما تقوى في التطوع

[الشبه بين الحق و العبد من جهة التحريم و الوجوب]

و أما التحريم ففيه من الشبه تحجير المماثلة فقال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فحجر على الكون أن يماثله أو يماثل مثله المفروض فكان عين التحجير عليه إن يتجلى في صورة تقبل التشبيه فإن كان نفس الأمر يقتضي نفي التشبيه فقد شاركناه في ذلك فإنه لا يقبل التشبيه بنا و لا نقبل التشبيه به و إن لم يكن في نفس الأمر كذا و إنما اختار ذلك أي قام في هذا المقام لعبيدة فقد حكم على نفسه بالتحجير فيما له أن يقوم في خلافه كما حجر علينا فعلى الحالتين قد حصل نوع من الشبه و أما لوجوب فصورة الشبه أنه على ما يجب له و نحن على ما يجب لنا قال لأبي يزيد تقرب إلي بما ليس لي الذلة و الافتقار فله الغني و العزة من حيث ذاته واجبة و لنا الذلة و الافتقار من حيث ذاتنا واجب هذا هو الوجوب الذاتي و أما الوجوب بالموجب فإنه أوجب علينا ابتداء أمورا لم نوجبها على أنفسنا فيكون قد أوجب علينا بإيجابنا إياها على أنفسنا كالنذر فأوجب على نفسه أن يخلق الخلق ابتداء أوجبه عليه طلب كمال العلم به و كمال الوجود فهما الذي طلبا منه خلق الخلق لما كان له الكمال و ما رأى لكماله حكما لم يكن لكماله تعلق فطلب فأوجب يطلبه عليه إن يوجد له صورة يرى نفسه فيها لأن الشيء لا يرى نفسه في نفسه عند المحققين و إنما يرى نفسه في غيره بنفسه و لذلك أوجد اللّٰه المرآة و الأجسام الصقيلة لنرى فيها صورنا فكل أمر ترى فيه صورتك فتلك مرآة لك

قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم المؤمن مرآة أخيه فخلق الخلق فكمل الوجود به و كمل العلم به فعاين كمال الحق نفسه في كمال الوجود فهذا واجب بموجب فوقع الشبه بالوجوب بالموجب كما وقع فيما وقع من الأحكام

[الشبه بين الحق و العبد من جهة الندب و الكراهة]

و حكم الندب و الكراهة يلحقان بالمباح و إن كان بينهما درجة فالمندوب هو ما يتعلق بفاعله الحمد و لا يذم بترك ذلك الفعل و شبهه في الجناب الإلهي ما يعطيه من النعم لعباده زائدا على ما ندعو إليه الحاجة فيحمد على ذلك و إن لم يفعله فلا يتعلق به ذم لأن الحاجة لا تطلبه إذ قد استوفت حقها فهذا شبه المندوب و أما شبه المكروه فالله يقول عن نفسه إنه يكره فإنه

قال و أكره مساءته و قال وَ لاٰ يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ و الكراهة المشروعة هي ما يحمد تاركها و لا يذم فاعلها فتشبه الندب و لكن في النقيض فإذا كان للعبد غرض فيما عليه فيه ضرر و هو أكثر ما في الناس فيسأل نيل ذلك الغرض من اللّٰه فما فعله اللّٰه له فيكره

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 739
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست