responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 724

تعتبر فيها الأهلة أعني مواقيت الأهلة

[أكثر أفعال الحج تعبد محض]

و الحج فعل مضاف مخصوص معين يفعله الإنسان كسائر أفعاله في بيوعه و مدايناته فاعتنى بذكر هذه الأفعال المخصوصة لأنها أفعال مخصوصة لله عز و جل بالقصد ليس للعبد فيها منفعة دنيوية إلا القليل من الرياضة البدنية و لهذا تميز حكم الحج عن سائر العبادات في أغلب أحواله و أفعاله في التعليل فأكثره تعبد محض لا يعقل له معنى عند الفقهاء فكان بذاته عين الحكمة ما وضع لحكمة موجبة و فيه أجر لا يكون في غيره من العبادات و تجل إلهي لا يكون في غيره من الأعمال

[الهلال في أول شهر الوقوف بمنزلة الواحد من العدد]

فكان الهلال في أول شهر الوقوف بمنزلة الواحد من العدد و تجلى الهلال في أول ليلة فيه تجلى الحق في العبد بالإيمان الذي هو أول مطلوب بالشرع من الإنسان المكلف و الايمان روح و جسمه صورة التلفظ بلا إله إلا اللّٰه و هي الشهادة بالتوحيد و كذلك نشهد أول ليلة الهلال ثم لا يزال يعظم التجلي في بسائط العدد إلى أن ينتهي إلى ليلة التاسع و هي آخر ليلة بسائط العدد التي هي آحاده فكمل تجليه في آحاد بسائط العدد فكان الوقوف بعرفة يوم التاسع فحصلت له معرفة اللّٰه تعالى بكمال البسائط و لهذا قابلها و دخل فيها بالتجريد عن المخيط و هو التركيب أ لا تراه يلبس في اليوم العاشر المخيط لأنه انتقل من الآحاد إلى أول العقد و هي العشرة

[عقد الأنشوطة و عقد غير الأنشوطة]

و العقد لا يكون إلا بين اثنين بضم الواحد إلى الآخر بصورة العطف و الالتفاف و هو على قسمين أعني العقد و هو أنشوطة و غير أنشوطة فعقد الأنشوطة يسرع إليه الانحلال فيما عهد إليه و عاهد عليه اللّٰه و غير الأنشوطة لا يسرع إليه الانحلال

[الاثنتا عشرة مرتبة في التجليات الكمالية في الحج]

و بقي بعد التسعة من أفعال الحج ثلاثة و هو فعل المزدلفة و منى و طواف الإفاضة و الفعل المختص بالمزدلفة إنما هو من أول الفجر إلى طلوع الشمس و ليس المبيت في المزدلفة خاصا بها لأنها ليلة عرفة و المزدلفة لا ليلة لها و لها المبيت لا الليلة كليلة سودة بنت زمعة الليلة لها و المبيت لعائشة فلسودة ليلة بلا مبيت و لعائشة مبيت ليلة سودة لا ليلتها و لهذا كانت تلك الليلة تضاف إلى سودة بالذكر كذلك بقي من مراتب العدد ثلاثة بعد التاسع و هي العشرة و المائة و الألف و ما بقي للعدد مرتبة سوى ما ذكرته كذلك ليس بعد طواف الإفاضة عمل للحاج في الحج يحرم عليه به شيء هو له حلال فإنه به أحل الحل كله و ليس بعده لغير المكي إلا طواف الوداع لأنه ودع مراتب العدد و بقي التركيب فيه إلى ما لا نهاية له فهذه اثنتا عشرة مرتبة قد حصلها العبد في التجليات الكمالية العددية و دخل في الليلة الثالث عشرة الهلال في الكمال و هي من الليالي البيض المرغب في صومها كأيام التشريق المرغب في فطرها التي يصومها المتمتع الآفاقي

[السلوك منه-تعالى-بالخروج إلينا و السلوك إليه منا]

و انتهى نصف الشهر الذي يتضمن السلوك منه بالخروج إلينا و إياه سبحانه نقصد ثم نشرع في النصف الثاني من الشهر في السلوك إليه منا إلى أن ينتهي إلى ليلة السرار و هو الكمال الغيبي كما كان في النصف الكمال الشهادي فكمل غيبا و شهادة و دار الدور بإهلال ثان و حكم آخر دنيا و آخرة فإنه قال في وصف الجنة لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهٰا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا فجعلها محلا للزمان المعروف عند العرب مثل الدنيا

[الحاج في الحج يجنى ثمرات الزمان و العدد]

فالحاج في الحج يجني ثمرة الزمان و ما يحوي عليه من المعارف الإلهية المختصة بشهر ذي حجة و يجني ثمرة العدد في المعارف الإلهية لأن العدد له حكم فيها أ لا تراه قد قال وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ و

قال إن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحد فدخل تحت حكم العدد بأسماء مخصوصة و

قال إن اللّٰه ثلاثمائة خلق فأدخل الأخلاق الإلهية تحت حكم العدد فله سلطان في الإلهيات ذكرا و اسما و خلقا فمن لم يقف عليه حرم خيرا كثيرا من المعرفة بالله و لذلك قدمنا في هذا الباب وجود الآحاد في الكثرة و الكثرة في الآحاد و هو العدد فهو المعطي الفائدة للعادين قٰالُوا لَبِثْنٰا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعٰادِّينَ كما قال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ فألحقهم بالعلماء كذلك الحج هو المعطي ما يحوي عليه من المعارف الإلهية للحاج فلهذا أضيف الميقات للحج في الهلال و ما أضيف للحاج كما أضيف للناس

[النصف لا يؤذن بالنقص لكونه نصفا]

و جعلها مواقيت لما ذكرناه فإن الفعل ينتهي فيه إلى نصف الشهر و هو تمام و كمال في نفس الأمر فإن النصف لا يؤذن بالنقص لكونه نصفا و لو كان نقصا لكان الذي حصل له متصفا في تحصيله بالنقص لأنه ما حصل له النصف الآخر بل لو حصل له النصف الآخر لكان نقصا حصوله

قال تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فنصفها لي و نصفها لعبدي فظهر كمال الحق في تحصيل النصف من الصلاة و لو اتصف بتحصيل النصف الثاني لكان نقصا فيما ينبغي لله من الكمال و ظهر كمال العبد في تحصيل النصف من الصلاة و لو اتصف بتحصيل النصف الآخر لكان نقصا في كمال عبوديته و فيما ينبغي له من الكمال فيها فكان يوصف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 724
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست