responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 691

ممن جعله اللّٰه نورا أو كان الحق سمعه و بصره فلا يتصرف فيما يتصرف فيه إلا بصفة ربانية

[صفات التنزيه و صفات التشبيه]

و الصفات الإلهية على قسمين صفة إلهية تقتضي التنزيه كالكبير و العلي و صفة إلهية تقتضي التشبيه كالمتكبر و المتعالي و ما وصف الحق به نفسه مما يتصف به العبد فمن جعل ذلك نزولا من الحق إلينا جعل الأصل للعبد و من جعل ذلك للحق صفة إلهية لا تعقل نسبتها إليه لجهلنا به كان العبد في اتصافه بها يوصف بصفة ربانية في حال عبوديته فيكون جميع صفات العبد التي يقول فيها لا تقضي التنزيه هي صفات الحق تعالى لا غيرها غير أنها لما تلبس بها العبد انطلق عليها لسان استحقاق للعبد و الأمر على خلاف ذلك و هذا هو الذي يرتضيه المحققون من أهل طريقنا على أنه ما رأينا أحدا نص عليه و لا حققه و لا أبداه مثل ما فعلنا نحن و هو قريب إلى الأفهام إذا وقع الإنصاف و ذلك أن العبد ما استنبطه و لا وصف الحق به ابتداء من نفسه و إنما الحق وصف بذلك نفسه على ما بلغت رسله و ما كشفه لأوليائه و نحن ما كنا نعلم هذه الصفات إلا لنا لا له بحكم الدليل العقلي فلما جاءت الشرائع بذلك و قد كان هو و لم نكن نحن علمنا إن هذه الصفات هي له بحكم الأصل ثم سرى حكمها فينا منه فهي له حقيقة و هي لنا مستعارة إذ كان و لا نحن فالأمر فيها على ما مهدناه هين المأخذ قريب المتناول فلا يهولنك ذلك إذ كان الحق به متكلما و أنت السامع فإن قيل لك في ذلك شيء فليكن جوابك للمعترض أن تقول له أنا ما قلته هو قال ذلك عن نفسه فهو أعلم بما نسبه إلى نفسه و نحن مؤمنون به على حد علمه فيه و هذه أسلم العقائد فمن كشف له الحق تعالى صورة تلك النسبة كان على علم من اللّٰه تعالى بها ذوقا و شربا و لو لا هذا الامتزاج ما صح أن يكون الإنسان و الحيوان من نطفة أمشاج فأظهر الكل بالكل و ضرب الكل في الكل فظهرنا به له و لنا فنحن به من وجه و ما هو بنا لأنه الظاهر و نحن على أصلنا و إن كنا أعطينا باستعدادنا في أعياننا أمورا لها سمي بما يظنه المحجوب أسماء لنا من عرش و كرسي و عقل و نفس و طبيعة و فلك و جسم و أرض و سماء و ماء و هواء و نار و جماد و نبات و حيوان و إنسان و جان كل ذلك لعين واحدة ليس إلا

[الإنسان ظلوم جهول]

فسبحان الأعلى المخصوص بالأسماء الحسنى و الصفات العلى و قد علم من هو الأولى بصفة الآخرة و الأولى ف‌ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و الإنسان ظلوم بما غصب من هذه الصفات من حيث جعلها لنفسه حقيقة جهول بمن هي له و بأنها غصب في يده فمن أراد أن يزول عنه وصف الظلم و الجهالة فليرد الأمانة إلى أهلها و الأمر المغصوب إلى صاحبه و الأمر في ذلك هين جدا و العامة تظن أن ذلك صعب و ليس كذلك

(وصل في فصل الفسخ)

و هو أن ينوي الحج و ليس معه هدي فيحول النية إلى العمرة فيعتمر و يحل ثم ينشئ الحج فمن قائل بجوازه و من قائل بوجوبه و من قائل بأن ذلك لا يجوز و بالوجوب أقول

[الهدية من القادم للذي قدم عليه]

العمرة حج أصغر فجاز تحويل النية إليها و كيف لا و قد تضمن فعلها الحج الأكبر فقام طواف الحج الأكبر و سعيه للقارن مقام ما للعمرة من الطواف و السعي و هما ركنان فاندرجت العمرة التي هي الحج الأصغر في الحج الأكبر و صارا عينا واحدة فجاز الفسخ لعدم الهدى فإن الهدية من القادم للذي قدم عليه معتادة فإذا لم يجيء بها كلف أن لا يدخل على من قصده بالنية الأولى حتى يتمتع و يهدي و لا بد و لكن لا يقدم هديه حتى ينشئ نية أخرى بالقصد على حسب ما نواه فإذا أحرم بالحج أي نوى قصد الكبير سبحانه لا المتكبر الذي هو بمنزلة العمرة التي هي حج أصغر قدم الهدى الذي أوجبه التمتع أما نسيكة على ما تيسروا ما صوما لمن قصده بتلك الزيارة فهي الهدية له فإن الصوم له و هو الذي نزل عليه الحاج فلذلك كان الصوم هدية لأنه يستحقها بل هي أليق به من الهدى فإنه لا يناله من الهدى إلا التقوى خاصة من المهدي و الصوم كله هو له فهو أعظم في الهدية و إنما جعله اللّٰه لمن لم يجد هديا لأن الهدى ينال الحق منه التقوى و ينال العبد منه ما يكون له به التغذي و قوام نشأته فراعى سبحانه منفعة العبد مع ما للحق فيه من نصيب التقوى مع الوجود فإذا لم يجد رفق به سبحانه فأوجب عليه الصوم إذ كان الصوم له و لم يوجب عليه غير ذلك لأنه ليس له من عمل العباد إلا الصوم فأقامه مقام الهدية بل هو أسنى و قنع منه بثلاثة أيام في الحج رفقا به حتى يكون قد أتى إليه بشيء فيفرح القادم بتلك التقدمة التي قدمها لربه في هذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 691
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست