responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 573

قال اللّٰه عز و جل لَنْ تَنٰالُوا الْبِرَّ حَتّٰى تُنْفِقُوا مِمّٰا تُحِبُّونَ و كان عبد اللّٰه بن عمر يشتري السكر و يتصدق به و يقول إني أحبه عملا بهذه الآية و أحب ما للإنسان نفسه فإن أنفقتها في سبيل اللّٰه نال بذلك ما في موازنتها فإنه من استهلك شيئا فعليه قيمته و الحق قد استهلك نفس هذا العبد فإنه أمرك بإنفاق ما تحب و ما لها قيمة عنده إلا الجنة و لهذا إذا لم نجد شيئا وجدت اللّٰه فإنه لا يوجد إلا عند عدم الأشياء التي يركن إليها و نفس الإنسان هي عين الأشياء كلها و قد هلكت فقيمتها ما ذكرناه فانظر إلى فضل الصدقة ما أعلاه

(وصل في فصل الإعلان بالصدقة)

من الاسم الظاهر و الاستفتاح بها من الاسم الأول و التأسي بها من قوله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و مسألة الإمام الناس لذوي الفاقة إذا وردوا عليه و ليس عنده في بيت المال ما يعطيهم هو القلب الخالي من العلم الذي تتعدى منفعته للغير من جوارحه و من يحسن الظن به فيسأل الأسماء الإلهية لتعطيه من الأحوال و العلوم ما تستعين بها قواه الظاهرة و الباطنة على ما كلفها اللّٰه من الأعمال

[القلب مسئول عن رعيته]

فإن اللّٰه أخبر الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم أنه يصبح على كل سلامي كل يوم صدقة و جعل كل تسبيحة صدقة و كل تهليلة صدقة إلى غير ذلك و هذه أحوال تحتاج إلى نية و إخلاص و لا تكون النية إلا بعد معرفة من يخلص له و هو اللّٰه تعالى فلا بد للإمام أن يسأل ما يتصدق به على كل سلامي و عن كل سلامي و القلب مسئول عن رعيته و هي جميع قواه الظاهرة و الباطنة و الحديث الجامع النبوي لما قررناه و اعتبرناه ما خرجه مسلم عن جرير بن عبد اللّٰه

قال كنا عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار متقلدين السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فاذن و أقام فصلى بهم ثم خطب فقال يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْهٰا زَوْجَهٰا وَ بَثَّ مِنْهُمٰا رِجٰالاً كَثِيراً وَ نِسٰاءً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي تَسٰائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحٰامَ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ مٰا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ خَبِيرٌ بِمٰا تَعْمَلُونَ تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال و لو بشق تمرة قال فجاء رجل بصرة من الأنصار تكاد كفه تعجز عنها بل عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام و ثياب حتى رأيت وجه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها من بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيئا و من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينتقص من أوزارهم شيئا

(وصل في فصل شكوى الجوارح إلى اللّٰه النفس و الشيطان مما يلقيان إليهن من السوء)

أهل الكشف يرون و يسمعون شكوى الجوارح إلى اللّٰه تعالى من النفس الخبيثة التي تدبر البدن و تصرف الجوارح في السوء مما يلقي إليها الشيطان و النفس من حيث هيكلها النوري تشكو النفس لنفس الحيوانية القابلة ما يلقي إليها الشيطان من السوء الذي تصرفه في القوي الظاهرة و الباطنة فإذا صدقوا في شكواهم آمنهم اللّٰه مما يخافون و رزقهم قبول ما يلقي إليهم الملك و استعملهم التوفيق بذلك الإلقاء في طاعة اللّٰه تعالى و طاعة رسوله حتى تورثه تلك الأعمال مشاهدة الحق تعالى و مناجاته على الكشف و الشهود بلا واسطة يخاطبهم خطاب تقرير على نعم و آلاء

[العامة العمي من أهل الحروف لا يسمعون شكوى الجوارح]

و العامة العمي من أهل الحروف و الرسوم لا يشعرون صم بكم عمي فهم لا يعقلون و لا يسمعون هذه الشكوى لقوة صممهم و طمس عيونهم فلو عملوا بما كلفوا لعلمهم اللّٰه مثل هذا العلم و يرونه مشاهدة عين كما يراه و يناله أهل اللّٰه تعالى و يقول اللّٰه تعالى في حق واحد منهم وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً و اِتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً و يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ

[فتح كنوز كسرى]

و قد أشار صلى اللّٰه عليه و سلم إلى ما ذكرناه في حديث يعم ما وقع في الدنيا و الإشارة به إلى ما ذكرنا و هو ما

خرجه البخاري عن أخي جدنا عدي بن حاتم قال بينا أنا عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذ أتى إليه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتى إليه آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال يا عدي هل رأيت الحيرة قلت لم أرها و قد أنبئت عنها قال فإن طالت بك حياة لترين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 573
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست