responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 552

و أما الكتاب ف‌ كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ و ليس الوجه إلا الوجود و هو ظهور الذوات و الأعيان و أما السنة فلا حول و لا قوة إلا بالله فهذا اعتبار وجوب الزكاة العقلي و الشرعي

(وصل في ذكر من تجب عليه الزكاة)

اتفق العلماء على أنها واجبة على كل مسلم حر بالغ عاقل مالك للنصاب ملكا تاما هذا محل الاتفاق و اختلفوا في وجوبها على اليتيم و المجنون و العبد و أهل الذمة و الناقص الملك مثل الذي عليه الدين أو له الدين و مثل المال المحبس الأصل

(وصل) [اعتبار ما اتفقوا عليه]

[المسلم]

اعتبار ما اتفقوا عليه المسلم هو المنقاد إلى ما يراد منه و قد ذكرنا أن كل ما سوى اللّٰه قد انقاد في رد وجوده إلى اللّٰه و إنه ما استفاد الوجود إلا من اللّٰه و لا بقاء له في الوجود إلا بالله

[الحرية]

و أما الحرية فمثل ذلك فإنه من كان بهذه المثابة فهو حر أي لا ملك عليه في وجوده لأحد من خلق اللّٰه جل جلاله

[البلوغ]

و أما البلوغ فاعتباره إدراكه للتمييز بين ما يستحقه ربه عز و جل و ما لا يستحقه و إذا عرف مثل هذا فقد بلغ الحد الذي يجب عليه فيه رد الأمور كلها إلى اللّٰه تعالى علوا كبيرا و هي الزكاة الواجبة عليه

[العقل]

و أما العقل فهو أن يعقل عن اللّٰه ما يريد اللّٰه منه في خطابه إياه في نفسه بما يلهمه أو على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم و من قيد وجوده بوجود خالقه فقد عقل نفسه إذ العقل مأخوذ من عقال الدابة و على الحقيقة عقال الدابة مأخوذ من العقل فإن العقل متقدم على عقال الدابة فإنه لو لا ما عقل إن هذا الحبل إذا شدت به الدابة قيدها عن السراح ما سماه عقالا

[المالك للنصاب]

و أما قولهم المالك للنصاب ملكا تاما فملكه للنصاب هو عين وجوده لما ذكرناه من الإسلام و الحرية و البلوغ و العقل و أما قولهم ملكا تاما إذ التام هو الذي لا نقص فيه و النقص صفة عدمية قال فهو عدم فالتام هو الوجود فهو قول الإمام أبي حامد و ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم إذ كان إبداعه عين وجوده ليس غير ذلك أي ليس في الإمكان أبدع من وجوده فإنه ممكن لنفسه و ما استفاد إلا الوجود فلا أبدع في الإمكان من الوجود و قد حصل فإنه ما يحصل للممكن من الحق سوى الوجود فهذا معنى اعتبار قولهم ملكا تاما

[وصل اعتبار ما اختلفوا فيه]

و أما اعتبار ما اختلفوا فيه فمن ذلك الصغار فقال قوم تجب الزكاة في أموالهم و قال قوم ليس في مال اليتيم صدقة و فرق قوم بين ما تخرجه الأرض و بين ما لا تخرجه فقالوا عليه الزكاة فيما تخرجه الأرض و ليس عليه زكاة فيما عدا ذلك من الماشية و الناض و العروض و فرق آخرون بين الناض و غيره فقالوا عليه الزكاة إلا في الناض خاصة

[اليتيم من لا أب له في الحياة و هو غير بالغ]

اعتبار ما ذكرنا اليتيم من لا أب له بالحياة و هو غير بالغ أي لم يبلغ الحلم بالسن أو الإنبات أو رؤية الماء قال تعالى لَمْ يَلِدْ و قال سُبْحٰانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فليس الحق باب لأحد من خلق اللّٰه و لا أحد من خلقه يكون له ولدا سبحانه و تعالى فمن اعتبر التكليف في عين المال قال بوجوبها و من اعتبر التكليف في المالك قال لا يجب عليه لأنه غير مكلف

[إضافة الوجود إلى اللّٰه و إلى عين الممكن]

كذلك من اعتبر وجوده لله قال لا تجب الزكاة فإنه ما ثم من يقبلها لو وجبت فإنه ما ثم إلا اللّٰه و من اعتبر إضافة الوجود إلى عين الممكن و قد كان لا يوصف بالوجود قال بوجوب الزكاة و لا بد إذ لا بد للاضافة من تأثير معقول

[انقسام الموجودات إلى قسمين:قديم و حادث]

و لهذا تقسم الموجودات إلى قسمين إلى قديم و إلى حادث فوجود الممكن وجود حادث أي حدث له هذا الوصف و لم يتعرض للوجود في هذا التقسيم هل هو حادث أو قديم لأنه لا يدل حدوث الشيء عندنا على أنه لم يكن له وجود قبل حدوثه عندنا و على هذا يخرج قوله تعالى مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ و هو كلام اللّٰه القديم و لكن حدث عندهم كما تقول حدث عندنا اليوم ضيف فإنه لا يدل ذلك على أنه لم يكن له وجود قبل ذلك فمن راعى أن الوجود الحادث غير حق للموصوف به و أنه حق لغير الممكن قال بوجوب الزكاة على اليتيم لأنه حق للواجب الوجود فيما اتصف به هذا الممكن كما يراعي من يرى وجوبها على اليتيم في ماله أنها حق للفقراء في عين هذا المال فيخرجها منه من يملك التصرف في ذلك المال و هو الولي

[إثبات التكليف في عين التوحيد]

و من راعى أن الزكاة عبادة لم يوجب الزكاة لأن اليتيم ما بلغ حد التكليف و قد أشرنا إلى ذلك و لنا

الرب حق و العبد حق يا ليت شعري من المكلف
هذا في البالغ و الصغير غير مكلف و هو اليتيم و هكذا سائر العبادات على هذا النحو فإن الشيء لا يعبد نفسه و إذا تحقق عارف مثل هذا و تبين أنه ما ثم إلا اللّٰه خاف من الزلل الذي يقع فيه من لا معرفة له ممن ذمه الشارع من القائلين بإسقاط الأعمال نعوذ بالله من الخذلان فنظر العارف عند ذلك إلى الأسماء الإلهية و توقف أحكام بعضها على بعض و تفاضلها في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 552
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست