responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 451

بذلك حمله بعض الناس على الندب و حمله بعض على الوجوب و هو الذي ذكرناه من أنه تبطل الصلاة بعدم هذه الصفة و الذي أقول به إن الصلاة صحيحة و هم عصاة أما الصف الأول

فورد الحديث الصحيح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في المسابقة إليه ثم إنه قال فيه ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه يريد الاقتراع و أما التسوية فإنهم دعوا إلى حال واحدة مع الحق و هي الصلاة فساوى في هذه الدعوة بين عباده فلتكن صفتهم فيها إذا أقبلوا إلى ما دعاهم إليه تسوية الصفوف لأن الداعي ما دعا الجماعة إلا ليناجيهم من حيث إنهم جماعة على السواء لا يخص واحد دون آخر فيجب أن يكونوا على السواء و الاعتدال في الصف لا يتأخر واحد من الصف و لا يتقدم بشيء منه يؤدي إلى اعوجاجه فإنهم يناجون من هذه الحيثية

[الإمام هو المقصود في النيابة عن الجماعة]

و ينبغي أن تكون الصور الباطنة و الهمم من المصلين متساوية في نسبة التوجه إلى اللّٰه تعالى و الإخلاص له في تلك العبادة التي دعاهم إليها من حيث ما هم مصلون و إن اللّٰه لما اصطفى منهم واحدا سماه إماما ليناجيه عن الجماعة بما يحب أن يهبه للجماعة و جعله كالترجمان بين يديه و بين أيديهم مقبلا على ربهم فيجب على الجماعة السكوت و الإنصات و الانتظار لما يرد عليهم من سيدهم بوساطة ذلك الإمام و لهذا جاء في حديث جابر أن قراءة الإمام كافية عن الجماعة فإنه الذي قدمه الحق للمناجاة فلما كان الإمام هو المقصود في النيابة عن الجماعة و أمر الشرع أن يأتموا به في كل ما يفعله مما شرع له فعله وجب عليهم الإنصات و الاقتداء بكل ما يفعله الإمام في صلاته

[التراص في الصف]

و أما التراص في الصف فهو أن لا يكون بين الإنسان و بين الذي يليه خلل من أول الصف إلى آخره و سبب ذلك أن الشياطين تسد ذلك الخلل بأنفسها و هم في محل القربة من اللّٰه تعالى فينبغي أن يكونوا في القرب بعضهم من بعض بحيث أن لا يبقى بينهم خلل يؤدي إلى بعد كل واحد من صاحبه فتكون المعاملة فيما بينهم من أجل الخلل نقيض ما دعوا إليه من صفة القربة فيتخلل تلك الخلل و الفرج البعداء من اللّٰه لمناسبة البعد الذي بين الرجلين في الصف في الصلاة فينقصهم من رحمة القرب الذي للمصلي في الصف بقدر الخلل و بمرتبة ذلك الشيطان من البعد عن اللّٰه فإذا ألزقت المناكب بعضها ببعض انسد الخلل و لم تجد صفة البعد عن اللّٰه محلا تقوم به لأن الشيطان الذي هو محل البعد عن اللّٰه ليس هناك و إنما تفرح الشياطين بخلل الصف و تدخل فيه لما ترى من شمول الرحمة التي يعطي اللّٰه للمصلين فتزاحمهم في تلك الفرج لينا لهم من تلك الرحمة شيء بحكم المجاورة من عين المنة لمعرفتهم بأنهم البعداء عن اللّٰه و ما هم هؤلاء الشياطين الذين يوسوسون في الصلاة فإن أولئك محلهم القلوب فهم على أبواب القلوب مع الملائكة تلقي إلى النفس و تنكت في القلب ما يشغله عما دعي إليه و من جملة ما تلقي إليه أن لا يسد الخلل الذي بينه و بين صاحبه لوجهين الوجه الواحد ليتصف بالمخالفة فيؤديه إلى البعد عن اللّٰه فإن الشيطان إنما كان بعده عن اللّٰه لمخالفته لأمر اللّٰه و الوجه الثاني في حق أصحابهم من الشياطين ليتخللوا ذلك الخلل فتصيبهم رحمة المصلين فيناجي الإمام ربه و يناجيه و لهذا شرع كناية الجمع في مناجاة الصلاة و أن لا يخص الإمام نفسه في الدعاء دونهم فإنه لسان الجماعة فالمكاشف يشهد هذا كله و يأخذ عن اللّٰه مما يعطيه بوساطة هذا الإمام ما يأتي به اللّٰه و سواء كان ذلك الإمام قد و في حق ما دعي إليه من الحضور مع اللّٰه أم لا فيتلقاه كل من هذه صفته من اللّٰه فيسعد الإمام بمثل هذا المأموم و أما غير المكاشف و غير الحاضر في الصلاة بقلبه إذا اجتمع هو و الإمام في عدم الحضور كان الإمام من الأئمة المضلين فإن حضر الجماعة مع اللّٰه ما عدا الإمام كان الإمام ضالا وحده و إن سعد فبمن خلفه و إن حضر الإمام وحده و لم تحضر قلوب الجماعة في تلك الصلاة شفع الإمام في الجماعة كلها فإنه العين المقصودة من الجماعة فقد حصل المقصود

[المختار للإمامة ينبغي أن يكون من أهل الدين و الخير]

و لهذا ينبغي أن يختار للامامة أهل الدين و الخير و المشتغلين بالله و إن كانوا قليلين من العلم فهم أولى بالإمامة من العلماء الغافلين لأن المراد من المصلي الحضور مع اللّٰه فلا يحتاج من العلم المصلي من حيث ما هو مصل إلا أن يعرف أنه بين يدي ربه يناجيه بما يسر اللّٰه له من تلاوة كتابه لا غير ذلك فلا يبالي بما نقصه من العلم في حال صلاته حتى إن المصلي لو أحضر في مناجاته مبايعة و مسائل طلاق و نكاح لم يكن بينه و بين الغافل عن صلاته فرق و إنما يكون مع اللّٰه من حيث ما هو بين يديه في عبادة خاصة دعاه إليها يحرم عليه فيها في باطنه ما حرم عليه في ظاهره فكما لا ينبغي أن يلتفت بوجهه التفاتا يخرجه عن القبلة كذلك لا ينظر بقلبه إلى غير

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست