responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 428

علم المتشهد بمن يريد شهوده فلا يحضر معه من الحق إلا قدر ما يعلمه منه و ما خوطب بأكثر من ذلك و اختلفت مقالات الناس في الإله و إذا اختلفت المقالات فلا بد للعاقل إذا انفرد في علمه بربه أن يكون على مقالة من هذه المقالات التي أنتجها النظر و هي مختلفة فالسليم العقل من يترك ما أعطاه نظره في اللّٰه و نظر غيره من أصحاب المقالات بالنظر الفكري و يرجع إلى ما قالته الأنبياء عليهم السلام و ما نطق به القرآن فيعتقده و يحضر معه في صلاته و في حركاته و سكناته فهو أولى به من أن يحضر مع اللّٰه تعالى بفكره و قد يطرأ لبعض الناس في هذا غلط و ذلك أنه يرى أن الإنسان ما يثبت عنده الشرع إلا حتى يثبت عنده بالعقل وجود الإله و توحيده و إمكان بعثة الرسل و تشريع الشرائع فيرجح بهذا أن يحضر مع الحق في صلاته بهذا العلم و ليس الأمر كذلك فإنه و إن كان نظره هو الصحيح في إثبات وجود الحق و توحيده و إمكان التشريع و تصديق الشارع بالدلالات التي أتى بها فيعلم إن الشارع قد وصف لنا نفسه بأمور لو وقفنا مع العقل دونه ما قبلناها ثم إنا رأينا أن تلك الأوصاف التي جاءت من الشارع في حق اللّٰه و معرفته تطلبها أفعال العبادات و هي أقرب مناسبة إليها من المعرفة التي تعطيها الأدلة النظرية التي تستقل بها فرأينا أن نحضر مع الحق في تشهدنا و صلاتنا بالمعرفة الإلهية التي استفدناها من الشارع في القرآن و السنة المتواترة أولى من الحضور معه بمقالات العقول ثم ننظر فيما ورد من التشهد في الصلاة حتى نجري على ذلك الأسلوب كما فعلنا في التوجيه و القراءة و ما يقال في الركوع و السجود انتهى الجزء الثامن و الثلاثون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم) فنقول من ذلك

(تشهد عمر رضي اللّٰه عنه)

و هو التحيات لله الزاكيات لله السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أشهد أن محمدا عبد اللّٰه و رسوله أخذت به طائفة

(و أما تشهد عبد اللّٰه بن مسعود)

و هو التحيات لله و الصلوات و الطيبات السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أخذ به الأكثر من الناس لثبوت نقله

(و أما تشهد ابن عباس)

و هو التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته سلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا رسول اللّٰه أخذت به طائفة و كلها أحاديث مروية عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم

[تشهد العارف يدور في ثلاثة أفلاك]

فالعارف إذا تشهد بهذا التشهد فإما أن يكون في حال قبض و هيبة و جلال عن اسم إلهي و إما أن يكون في حال أنس و جمال و بسط عن اسم إلهي و إما أن يكون في حال مراقبة و حضور لموازنة ذاته بما كلفته من العبادات في الصلاة فيعمر كل قوة من قوى نفسه في صلاته و كل جارحة من جوارح جسمه في صلاته بما يليق بها مما طلبه الحق منه من إلهيات أن يكون عليها في صلاته بالنظر إلى كل جارحة و قوة فيعمرها سواء كان في حال هيبة أو أنس و هو أكمل الأحوال فانحصر الأمر في ثلاثة مقامات مقام جلال و مقام جمال و مقام كمال

[التشهد بلسان الكمال]

فيتشهد بلسان الكمال و هو الأول للسالك فيقول التحيات لله أي تحيات كل محى و محى بها في جميع العالم و النسب الإلهية كلها لله أي من أجل اللّٰه الاسم الجامع الذي يجمع حقائقها و ذلك لأن كل تحية في العالم إنما هي مرتبطة بحقيقة إلهية كانت ما كانت فمتى ما لم يجمع الإنسان بنيته و قلبه كما جمع بلفظة التحيات بقوته من الحقائق الإلهية كلها إلا الحقيقة الواحدة المشروعة له في تحيته من حيث ما هو مقيد بها من جهة شرعه خاصة لم يستبر لنفسه في كمال صلاته و قوله الزاكيات لله يقول التحيات المطهرات الناميات أي التي ينمي خيرها على قائلها من الحقائق الإلهية التي أوجدت تلك التحيات بحسب ما تعطيه أسماؤها ثم يقول السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته بالألف و اللام التي للجنس لا التي للعهد فيكون سلامه على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم مثل تحياته للشمول و العموم أي بكل سلام و هذا يؤذن بأن العبد قد انتقل من مشاهدة ربه من حيث الإطلاق أو أمر ما من الأمور التي كان فيها في سجوده إلى مشاهدة الحق في النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فلما قدم عليه بالحضور سلم عليه مخاطبا مواجهة بالنبوة لم يسلم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست