responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 4

فتعالى عما أشرك به المشركون فكان أول اسم كتبه ذلك القلم الأسمى دون غيره من الأسماء إني أريد أن أخلق من أجلك يا محمد العالم الذي هو ملكك فأخلق جوهرة الماء فخلقتها دون حجاب العزة الأحمى و أنا على ما كنت عليه و لا شيء معي في عما فخلق الماء سبحانه بردة جامدة كالجوهرة في الاستدارة و البياض و أودع فيها بالقوة ذوات الأجسام و ذوات الأعراض ثم خلق العرش و استوى عليه اسمه الرحمن و نصب الكرسي و تدلت إليه القدمان فنظر بعين الجلال إلى تلك الجوهرة فذابت حياء و تحللت أجزاؤها فسألت ماء وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى ذلك اَلْمٰاءِ قبل وجود الأرض و السماء و ليس في الوجود إذ ذاك إلا حقائق المستوي عليه و المستوي و الاستواء فأرسل النفس فتموج الماء من زعزعه و أزبد و صوت بحمد الحمد المحمود الحق عند ما ضرب بساحل العرش فاهتز الساق و قال له أنا أحمد فخجل الماء و رجع القهقري يريد ثبجه و ترك زبده بالساحل الذي أنتجه فهو مخضة ذلك الماء الحاوي على أكثر الأشياء فأنشأ سبحانه من ذلك الزبد الأرض مستديرة النشء مدحية الطول و العرض ثم أنشأ الدخان من نار احتكاك الأرض عند فتقها ففتق فيه السموات العلي و جعله محل الأنوار و منازل الملإ الأعلى و قابل بنجومها المزينة لها النيرات ما زين به الأرض من أزهار النبات و تفرد تعالى لآدم و ولديه بذاته جلت عن التشبيه و يديه فأقام نشأة جسدية و سواها تسويتين تسوية انقضاء أمده و قبول أبده و جعل مسكن هذه النشأة نقطة كرة الوجود و أخفى عينها ثم نبه عباده عليها بقوله تعالى بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهٰا فإذا انتقل الإنسان إلى برزخ الدار الحيوان مارت قبة السماء و انشقت فكانت شعلة نار سيال كالدهان :

فمن فهم حقائق الإضافات عرف ما ذكرنا له من الإشارات فيعلم قطعا إن قبة لا تقوم من غير عمد كما لا يكون والد من غير إن يكون له ولد فالعمد هو المعنى الماسك فإن لم ترد أن يكون الإنسان فاجعله قدرة المالك فتبين أنه لا بد من ماسك يمسكها و هي مملكة فلا بد لها من مالك يملكها و من مسكت من أجله فهو ماسكها و من وجدت له بسببه فهو مالكها و لما أبصرت حقائق السعداء و الأشقياء عند قبض القدرة عليها بين العدم و الوجود و هي حالة الإنشاء حسن النهاية بعين الموافقة و الهداية و سوء الغاية بعين المخالفة و الغواية سارعت السعيدة إلى الوجود و ظهر من الشقية التثبط و الإباية و لهذا أخبر الحق عن حالة السعداء فقال أُولٰئِكَ يُسٰارِعُونَ فِي الْخَيْرٰاتِ وَ هُمْ لَهٰا سٰابِقُونَ يشير إلى تلك السرعة و قال في الأشقياء فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقٰاعِدِينَ يشير إلى تلك الرجعة فلو لا هبوب تلك النفحات على الأجساد ما ظهر في هذا العالم سالك غي و لا رشاد و لتلك السرعة و التثبط أخبرتنا صلى اللّٰه عليك إن رحمة اللّٰه سبقت غضبه هكذا نسب الراوي إليك ثم أنشأ سبحانه الحقائق على عدد أسماء حقه و أظهر ملائكة التسخير على عدد خلقه فجعل لكل حقيقة اسما من أسمائه تعبده و تعلمه و جعل لكل سر حقيقة ملكا يخدمه و يلزمه فمن الحقائق من حجبته رؤية نفسه عن اسمه فخرج عن تكليفه و حكمه فكان له من الجاحدين و منهم من ثبت اللّٰه أقدامه و اتخذ اسمه أمامه و حقق بينه و بينه العلامة و جعله أمامه فكان له من الساجدين ثم استخرج من الأب الأول أنوار الأقطاب شموسا تسبح في أفلاك المقامات و استخرج أنوار النجباء نجوما تسبح في أفلاك الكرامات و ثبت الأوتاد الأربعة للأربعة الأركان فانحفظ بهم الثقلان فازالوا ميد الأرض و حركتها فسكنت فازينت بحلي أزهارها و حلل نباتها و أخرجت بركتها فتنعمت أبصار الخلق بمنظرها البهي و مشامهم بريحها العطري و أحناكهم بمطعومها الشهي ثم أرسل الأبدال السبعة إرسال حكيم عليم ملوكا على السبعة الأقاليم لكل بدل إقليم و وزر للقطب الإمامين و جعلهما إمامين على الزمامين فلما أنشأ العالم على غاية الإتقان و لم يبق أبدع منه كما قال الإمام أبو حامد في الإمكان و أبرز جسدك صلى اللّٰه عليك للعيان أخبر عنك الراوي أنك قلت يوما في مجلسك إن اللّٰه كان و لا شيء معه بل هو على ما عليه كان و هكذا هي صلى اللّٰه عليك حقائق الأكوان فما زادت هذه الحقيقة على جميع الحقائق إلا بكونها سابقة و هن لواحق إذ من ليس مع شيء فليس معه شيء و لو خرجت

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست