responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 3

مشتمل برداء حيائه مقبل على شأنه فالتفت السيد الأعلى و المورد العذب الأحلى و النور الأكشف الأجلى فرآني وراء الختم لاشتراك بيني و بينه في الحكم فقال له السيد هذا عديلك و ابنك و خليلك أنصب له منبر الطرفاء بين يدي ثم أشار إلى أن قم يا محمد عليه فأثن على من أرسلني و علي فإن فيك شعرة مني لا صبر لها عني هي السلطانة في ذاتيتك فلا ترجع إلي إلا بكليتك و لا بد لها من الرجوع إلى اللقاء فإنها ليست من عالم الشقاء فما كان مني بعد بعثي شيء في شيء إلا سعد و كان ممن شكر في الملإ الأعلى و حمد فنصب الختم المنبر في ذلك المشهد الأخطر و على جبهة المنبر مكتوب بالنور الأزهر هذا هو المقام المحمدي الأطهر من رقى فيه فقد ورثه و أرسله الحق حافظا لحرمة الشريعة و بعثه و وهبت في ذلك الوقت مواهب الحكم حتى كأني أوتيت جوامع الكلم فشكرت اللّٰه عز و جل و صعدت أعلاه و حصلت في موضع وقوفه صلى اللّٰه عليه و سلم و مستواه و بسط لي على الدرجة التي أنا فيها كم قميص أبيض فوقفت عليه حتى لا أباشر الموضع الذي باشره صلى اللّٰه عليه و سلم بقدميه تنزيها له و تشريفا و تنبيها لنا و تعريفا أن المقام الذي شاهده من ربه لا يشاهده الورثة إلا من وراء ثوبه و لو لا ذلك لكشفنا ما كشف و عرفنا ما عرف أ لا ترى من تقفو أثره لتعلم خبره لا تشاهد من طريق سلوكه ما شهد منه و لا تعرف كيف تخبر بسلب الأوصاف عنه فإنه شاهد مثلا ترابا مستويا لا صفة له فمشى عليه و أنت على أثره لا تشاهد إلا أثر قدميه و هنا سر خفي إن بحثت عليه وصلت إليه و هو من أجل أنه إمام و قد حصل له الإمام لا يشاهد أثرا و لا يعرفه فقد كشفت ما لا يكشفه و هذا المقام قد ظهر في إنكار موسى صلى اللّٰه على سيدنا و عليه و على الخضر فلما وقفت ذلك الموقف الأسنى بين يدي من كان من ربه في ليلة إسرائه قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ قمت مقنعا خجلا ثم أيدت بروح القدس فافتتحت مرتجلا

يا منزل الآيات و الأنباء أنزل على معالم الأسماء
حتى أكون لحمد ذاتك جامعا بمحامد السراء و الضراء
ثم أشرت إليه صلى اللّٰه عليه و سلم

و يكون هذا السيد العلم الذي جردته من دورة الخلفاء
و جعلته الأصل الكريم و آدم ما بين طينة خلقه و الماء
و نقلته حتى استدار زمانه و عطفت آخره على الإبداء
و أقمته عبدا ذليلا خاضعا دهرا يناجيكم بغار حراء
حتى أتاه مبشرا من عندكم جبريل المخصوص بالأنباء
قال السلام عليك أنت محمد سر العباد و خاتم النباء
يا سيدي حقا أقول فقال لي صدقا نطقت فأنت ظل ردائي
فاحمد و زد في حمد ربك جاهدا فلقد وهبت حقائق الأشياء
و انثر لنا من شأن ربك ما انجلى لفؤادك المحفوظ في الظلماء
من كل حق قائم بحقيقة يأتيك مملوكا بغير شراء

[نشأة الكون و ظهور الكائنات]

ثم شرعت في الكلام بلسان العلام فقلت و أشرت إليه صلى اللّٰه عليه و سلم حمدت من أنزل عليك الكتاب المكنون الذي لاٰ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ المنزل بحسن شيمك و تنزيهك عن الآفات و تقديسك فقال في سورة ن (بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ) ن وَ الْقَلَمِ وَ مٰا يَسْطُرُونَ مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ ثم غمس قلم الإرادة في مداد العلم و خط بيمين القدرة في اللوح المحفوظ المصون كل ما كان و ما هو كائن و سيكون و ما لا يكون مما لو شاء و هو لا يشاء أن يكون لكان كيف يكون من قدره المعلوم الموزون و علمه الكريم المخزون ف‌ سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ ذلك اللّٰه الواحد الأحد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست