responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 385

اختلاف كثير في المسح و النضح و العدد ليس هذا موضعه إلا إن فتح اللّٰه و يؤخر في الأجل فنعمل كتابا في اعتبارات أحكام الشرع كلها في جميع الصور و اختلاف العلماء فيه ليجمع بين الطريقتين و نظهر حكمة الشرع في النشأتين و الصورتين أعني الظاهر و الباطن ليكون كتابا جامعا لأهل الظاهر و أهل الاعتبار في الباطن و الموازين الباحثين عن النسب و اللّٰه المؤيد لا رب غيره

(باب في آداب الاستنجاء و دخول الخلأ)

[الآثار النبوية في الاستنجاء و دخول الخلاء]

و قد وردت في ذلك أخبار كثيرة و أوامر مثل النهي عن الاستنجاء باليمين و مس الذكر باليمين عند البول و عدم الكلام على الحاجة و التعوذ عند دخول الخلأ و هي كثيرة جدا فمن قائل بأنها كلها محمولة على الندب و عليه جماعة الفقهاء

[قانون الباطن و قانون الظاهر في السير و السلوك]

و أما في الاعتبار فهي كلها واجبة فإن الباطن ما حكمه في أوامر الحق حكم الظاهر فإن اللّٰه ما ينظر من الإنسان إلا إلى قلبه فيجب على العبد أن لا يزال قلبه طاهرا أبدا لأنه محل نظر اللّٰه منه و الشرع ينظر إلى ظاهر الإنسان و يراعيه في الدار الدنيا دار التكليف أكثر من باطنه

[الدار الآخرة فيها تبلى السرائر]

و في الآخرة بالعكس هنالك تُبْلَى السَّرٰائِرُ و هنا يراعي الشرع أيضا الباطن في أفعال مخصوصة أوجب الشرع عليه فعلها و أفعال مخصوصة ندبه الشرع إليها و أفعال مخصوصة خيره الشرع بين فعلها و تركها و أفعال مخصوصة حرم الشرع عليه فعلها و أفعال مخصوصة كره الشرع له فعلها و الحكم في الترك كذلك

[أقوال الفقهاء في آداب الاستنجاء و دخول الخلاء]

و اختلفوا من هذه الآداب في استقبال القبلة بالغائط و البول و استدبارها فكانوا فيها على ثلاثة مذاهب فمن قائل إلى أنه لا يجوز استقبال القبلة الغائط أو بول أصلا في أي موضع كان و من قائل إنه يجوز ذلك بإطلاق و به أقول و التنزه عن ذلك أولى و أفضل و من قائل إنه يجوز ذلك في الكنف المبنية و لا يجوز في الصحاري و لكل قائل حجة من خبر يستند إليه ذكر ذلك علماء الشريعة في كتبهم

(وصل اعتبار الباطن في ذلك)

[اللّٰه في قبلة المصلي]

لما

أخبر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن اللّٰه في قبلة المصلي و أن العبد إذا صلى واجه ربه فمن فهم من ذلك أن لقبلة المعلومة إليها نسب كون اللّٰه أو نسب إليها في حال صلاة المصلي خاصة فمن فهم إن المراد القبلة بتلك النسبة لم يجز استقبال القبلة عند الحاجة لسوء الأدب و من فهم أن المراد حال المصلي أجاز استقبال القبلة عند الحاجة فإنه غير مصل الصلاة المخصوصة بالصفة المعلومة

[روح الصلاة هو الحضور مع اللّٰه]

و من رأى روح الصلاة و هو الحضور مع اللّٰه دائما و مناجاته كانت جميع أفعاله صلاة فلم يقل بالمنع من استقبال القبلة عند الحاجة فإنه في روح الصلاة لا ينفك دائما و هم أهل الحضور مع اللّٰه على الدوام و المشار إليهم بقوله تعالى اَلَّذِينَ هُمْ عَلىٰ صَلاٰتِهِمْ دٰائِمُونَ اعتبارا فأما من لم يخطر له خاطر الحضور مع اللّٰه إلا في وقت الحاجة فذلك خاطر شيطاني لا يعول عليه و يجتنب استقبال القبلة و لا بد عندنا من هذه حالته فإنه من عمل الشيطان و قد أمرنا باجتناب عمل الشيطان في قوله إنه رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ

[البناء و المدن حال الجمعية شبيه بجمعية الأسماء الإلهية]

و أما من يرى الاستقبال في الكنف المبنية دون الصحاري فإن الكنف المبنية و المدن حال الجمعية فتشبه جمعية الأسماء الإلهية فما من شيء إلا و هو مرتبط بحقيقة إلهية به كانت معقوليته فإن المعدوم مرتبط بالتنزيه فلا يخلو صاحب هذا الحال عن مشاهدة ربه من حيث تلك الحقيقة فإن البناء و المدن دلتاه على ذلك فجاز له أن يستقبل القبلة و أن يكون بحكم الوطن

[الاختيار من العبد تقييد لرؤية الحقيقة الإلهية]

و أما في الصحراء فهو وحده فلا مانع له من ترك استقبال القبلة بالحاجة فيتأدب و لا يستقبل احتراما لقول الشارع فإنه ما في الصحراء حالة تقيده لرؤية حقيقة إلهية إلا اختياره و لا ينبغي للعبد أن يكون له اختيار مع سيده قال تعالى وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ فما اختار المدن و الكنف المبنية ما كان لهم الخيرة فيما لم يختره لهم فليس لهم أن يختاروا بل يقفون عند المراسم الشرعية فإن الشارع هو اللّٰه تعالى فيستعمل بهذا النظر جميع الأخبار الواردة في استقبال القبلة بالحاجة و استدبارها و النهي عن ذينك

[القول الجامع في الطهارات]

فقد أثبتنا في هذا الباب من فصول الطهارة ما يجري مجرى الأصول و القول الجامع في الطهارة هو أن نقول الطهارة من الإنسان المعقولة المعنى بما يزيلها أي شيء كان من البراهين جدلية كانت أو وجودية فإن الغرض إزالتها لا بما تزال ما لم يكن الذي تزال به يؤثر نجاسة في المحل فاذن ما زالت النجاسة و أما التي هي غير معقولة المعنى فطهارتها موقوفة على ما ينص اللّٰه تعالى في ذلك أو رسوله فيزيلها بذلك فإن شاء الحق عرفك بمعناه و نسبته فتكون إزالتها في حقك عن علم محقق و إذ لم يكن ذلك فهو المسمى بالتعبد و هو المعنى المطلق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست