responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 333

ماء نمير خالص سلسال سائغ شرابه و هذه علوم الأفكار الصحيحة و العقول فإن علوم العقل المستفادة من الفكر يشوبها التغير لأنها بحسب مزاج المتفكر من العقلاء لأنه لا ينظر إلا في مواد محسوسة كونية في الخيال و على مثل هذا تقوم براهينها فتختلف مقالاتهم في الشيء الواحد أو تختلف مقالة الناظر الواحد في الشيء الواحد في أزمان مختلفة لاختلاف الأمزجة و التخليط و الأمشاج الذي في نشأتهم فاختلفت أقاويلهم في الشيء الواحد و في الأصول التي يبنون عليها فروعهم و العلم اللدني الإلهي المشروع ذو طعم واحد و إن اختلفت مطاعمه فما اختلفت في الطيب فطيب و أطيب فهو خالص ما شابه كدر لأنه تخلص من حكم المزاج الطبيعي و تأثير المنابيع فيه فكانت الأنبياء و الأولياء و كل مخبر عن اللّٰه على قول واحد في اللّٰه إن لم يزد فلا ينقص و لا تخالف يصدق بعضهم بعضا كما لم يختلف ماء السماء حال النزول فليكن اعتمادك و طهورك في قلبك بمثل هذا العلم و ليس إلا العلم بالشرع المشبه بماء الغيث و إن لم تفعل فما نصحت نفسك و تكون في ذاتك و طهورك بحسب ما تكون البقعة التي نبع منها ذلك الماء فإن فرقت بين عذبه و ملحه فاعلم إنك سليم الحاسة و هذه مسألة لم أجد أحدا نبه عليها فإن آكل السكر بالحلاوة في السكر كذلك و في مرارة الصبر ليس بصحيح و لا يقتضيه الدليل العقلي و قد نبهناك إن تنبهت فانظر ثم يا وليي استدرك استعمال علوم الشريعة في ذاتك و علوم الأولياء و العقلاء الذين أخذوها عن اللّٰه بالرياضات و الخلوات و المجاهدات و الاعتزال عن فضول الجوارح و خواطر النفوس و إن لم تفرق بين هذه المياه فاعلم إنك سيئ المزاج قد غلب عليك خلط من أخلاطك فما لنا فيك من حيلة إلا أن يتدارك اللّٰه برحمته نفسك

[سر غسل اليدين من الوجهة الروحية]

فإذا استعملت من ماء هذه العلوم في طهارتك ما دللتك عليه و هو العلم المشروع طهرت صفاتك و روحانيتك به كما طهرت أعضاءك بالماء و نظفتها فأول طهارتك غسل يديك قبل إدخالهما في الإناء عند قيامك من نوم الليل بلا خلاف و وجوب غسلهما من نوم النهار بخلاف و اليد محل القوة و التصريف فطهورهما بعلم لا حول في اليسرى و لا قوة إلا بالله العلي العظيم في اليمنى و اليدان محل القبض و الإمساك بخلا و شحا فطهر هما بالبسط و الإنفاق كرما و جودا و سخاء و نوم الليل غفلتك عن علم عالم غيبك و نوم النهار غفلتك عن علم عالم شهادتك فهذا عين تخلقك و تحققك بعالم الغيب و الشهادة من الأسماء الحسنى المضافة

[سر الاستنجاء الروحاني]

ثم بعد هذا الاستنجاء و الاستجمار و الجمع بينهما أفضل من الإفراد فهما طهارتان نور في نور مرغب فيهما سنة و قرآنا فإن استنجيت و هو استعمال الماء في طهارة السوأتين لما قام بهما من الأذى و هما محل الستر و الصوم كما هما محل إخراج الخبث و الأذى القائم بباطنك و هو ما تعلق بباطنك من الأفكار الرديئة و الشبه المضلة كما ورد في الصحيح أن الشيطان يأتي إلى الإنسان في قلبه فيقول له من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول فمن خلق اللّٰه فطهارة هذا القلب من هذا الأذى ما قال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الاستعاذة و الانتهاء و هما عورتان أي مائلتان إلى ما يوسوس به نفسه من الأمور القادحة في الدين أصلا و فرعا فإن الدبر هو الأصل في الأذى فإنه ما وجد إلا لهذا و الفرجان الآخران في الرجل و المرأة فرعان عن هذا الأصل ففيهما وجه إلى الخير و وجه إلى الشر و هو النكاح و السفاح أ لا ترى النجاسة إذا وردت على الماء القليل أثرت فيه فلم يستعمل و إذا ورد الماء على النجاسة أذهب حكمها كذلك الشبه إذا وردت على القلوب الضعيفة الايمان الضعيفة الرأي أثرت فيها و إذا وردت على البحر استهلكت فيه كذلك القلوب القوية المؤيدة بالعلم و روح القدس كذلك الشبه إذا جاء بها شيطان الإنس و الجن إلى المتضلع من العلم الإلهي الريان منه قلب عينها و عرف كيف يرد نحاسها ذهبا و قزديرها فضة بإكسير العلم اللدني الذي عنده من عناية الرحمة الإلهية التي أتاه اللّٰه بها و عرف وجه الحق منها و آثر فيها فهذا سر الاستنجاء الروحاني

[سر الاستجمار الروحاني]

فإن استجمر هذا المتوضئ و لم يستنج فاعلم إن ذلك طهور المقلد فإن الجمرة الجماعة و يد اللّٰه مع الجماعة و لا يأكل الذئب إلى القاصية و هي التي بعدت عن الجماعة و خرجت عنها و ذلك مخالفة الإجماع و الاستجمار معناه جمع أحجار أقلها ثلاثة إلى ما فوقها من الأوتار لأن الوتر هو اللّٰه فلا يزال الوتر مشهودك و الوتر طلب الثأر و هو هنا ما ألقاه الشيطان من الشبه في إيمانك فتجمع الأحجار للإنقاء من ذلك الخبث القائم بالعضو فالمقلد إذا وجد شبهة في نفسه هرب إلى الجماعة أهل السنة فإن يد اللّٰه كما جاء مع الجماعة و يد اللّٰه تأييده و قوته و

قد نهى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن مفارقة الجماعة و لهذا قام

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست