responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 33

و تطلب على معانيها فكذلك خذ ما أتاك به هذا الصوفي و اهتد على نفسك قليلا و فرغ لما أتاك به محلك حتى يبرز لك معناها أحسن من أن تقول يوم القيامة قَدْ كُنّٰا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هٰذٰا بَلْ كُنّٰا ظٰالِمِينَ فكل علم إذا بسطته العبارة حسن و فهم معناه أو قارب و عذب عند السامع الفهم فهو علم العقل النظري لأنه تحت إدراكه و مما يستقل به لو نظر إلا علم الأسرار فإنه إذا أخذته العبارة سمج و اعتاص على الأفهام دركه و خشن و ربما مجته العقول الضعيفة المتعصبة التي لم تتوفر لتصريف حقيقتها التي جعل اللّٰه فيها من النظر و البحث و لهذا صاحب العلم كثيرا ما يوصله إلى الأفهام بضرب الأمثلة و المخاطبات الشعرية.و أما علوم الأحوال فمتوسطة بين علم الأسرار و علم العقول.و أكثر ما يؤمن بعلم الأحوال أهل التجارب و هو إلى علم الأسرار أقرب منه إلى العلم النظري العقلي لكن يقرب من صنف العلم العقلي الضروري بل هو هو لكن لما كانت العقول لا تتوصل إليه إلا بأخبار من علمه أو شاهده من نبي أو ولي لذلك تميز عن الضروري لكن هو ضروري عند من شاهده ثم لتعلم أنه إذا حسن عندك و قبلته و آمنت به فأبشر إنك على كشف منه ضرورة و أنت لا تدري لا سبيل إلا هذا إذ لا يثلج الصدر إلا بما يقطع بصحته و ليس للعقل هنا مدخل لأنه ليس من دركه إلا إن أتى بذلك معصوم حينئذ يثلج صدر العاقل و أما غير المعصوم فلا يلتذ بكلامه إلا صاحب ذوق

[طريقة أهل الحق في سيرها إلى الحق]

(فإن قلت)فلخص لي هذه الطريقة التي تدعى أنها الطريقة الشريفة الموصلة السالك عليها إلى اللّٰه تعالى و ما تنطوي عليه من الحقائق و المقامات بأقرب عبارة و أوجز لفظ و أبلغه حتى أعمل عليه و نصل إلى ما ادعيت أنك توصلت إليه و بالله أقسم إني لا آخذه منك على وجه التجربة و الاختبار و إنما آخذه منك على الصدق فإني قد حسنت الظن بك إحسان قطع إذ قد نبهتني على حظ ما أتيت به من العقل و إن ذلك مما يقطع العقل بجوازه و إمكانه أو يقف عنده من غير حكم معين فشكر اللّٰه لك ذلك و بلغك آمالك و نفعك و نفع بك.فاعلم أن الطريق إلى اللّٰه تعالى الذي سلكت عليه الخاصة من المؤمنين الطالبين نجاتهم دون العامة الذين شغلوا أنفسهم بغير ما خلقت له إنه على أربع شعب بواعث و دواع و أخلاق و حقائق و الذي دعاهم إلى هذه الدواعي و البواعث و الأخلاق و الحقائق ثلاثة حقوق تفرضت عليهم حق لله و حق لأنفسهم و حق للخلق فالحق الذي لله تعالى عليهم أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا و الحق الذي للخلق عليهم كف الأذى كله عنهم ما لم يأمر به شرع من إقامة حد و صنائع المعروف معهم على الاستطاعة و الإيثار ما لم ينه عنه شرع فإنه لا سبيل إلى موافقة الغرض إلا بلسان الشرع و الحق الذي لأنفسهم عليهم أن لا يسلكوا بها من الطرق إلا الطريق التي فيها سعادتها و نجاتها و إن أبت فلجهل قام بها أو سوء طبع فإن النفس الآبية إنما يحملها على إتيان الأخلاق الفاضلة دين أو مروءة فالجهل يضاد الدين فإن الدين علم من العلوم و سوء الطبع يضاد المروءة ثم نرجع إلى الشعب الأربع فنقول الدواعي خمسة الهاجس السببي و يسمى نفر الخاطر ثم الإرادة ثم العزم ثم الهمة ثم النية و البواعث لهذه الدواعي ثلاثة أشياء رغبة أو رهبة أو تعظيم و الرغبة رغبتان رغبة في المجاورة و رغبة في المعاينة و إن شئت قلت رغبة فيما عنده و رغبة فيه و الرهبة و رهبتان رهبة من العذاب و رهبة من الحجاب و التعظيم إفراده عنك و جمعك به.و الأخلاق على ثلاثة أنواع خلق متعد و خلق غير متعد و خلق مشترك.فالمتعدي على قسمين متعد بمنفعة كالجود و الفتوة و متعد بدفع مضرة كالعفو و الصفح و احتمال الأذى مع القدرة على الجزاء و التمكن منه و غير المتعدي كالورع و الزهد و التوكل.و أما المشترك فكالصبر على الذي من الخلق و بسط الوجه.و أما الحقائق فعلى أربعة حقائق ترجع إلى الذات المقدسة و حقائق ترجع إلى الصفات المنزهة و هي النسب و حقائق ترجع إلى الأفعال و هي كن و أخواتها و حقائق ترجع إلى المفعولات و هي الأكوان و المكونات و هذه الحقائق الكونية على ثلاث مراتب علوية و هي المعقولات و سفلية و هي المحسوسات و برزخية و هي المخيلات.فأما الحقائق الذاتية فكل مشهد يقيمك الحق فيه من غير تشبيه و لا تكييف لا تسعه العبارة و لا تومئ إليه الإشارة.و أما الحقائق الصفاتية فكل مشهد يقيمك الحق فيه تطلع منه على معرفة كونه سبحانه عالما قادرا مريدا حيا إلى غير ذلك من الأسماء و الصفات المختلفة و المتقابلة و المتماثلة.و أما الحقائق الكونية فكل مشهد يقيمك الحق فيه تطلع منه على معرفة الأرواح و البسائط و المركبات

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست