responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 325

لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً فاتفقت أصولهم من غير خلاف في شيء من ذلك و فرقوا في هذه السياسات النبوية المشروعة من عند اللّٰه بينها و بين ما وضعت الحكماء من السياسات الحكمية التي اقتضاها نظرهم و علموا أن هذا الأمر أتم و أنه من عند اللّٰه بلا شك فقبلوا ما أعلمهم به من الغيوب و آمنوا بالرسل و ما عابد أحد منهم إلا من لم ينصح نفسه في علمه و اتبع هواه و طلب الرئاسة على أبناء جنسه و جهل نفسه و قدره و جهل ربه فكان أصل وضع الشريعة في العالم و سببها طلب صلاح العالم و معرفة ما جهل من اللّٰه مما لا يقبله العقل أي لا يستقل به العقل من حيث نظره فنزلت بهذه المعرفة الكتب المنزلة و نطقت بها ألسنة الرسل و الأنبياء عليهم السلام فعلمت العقلاء عند ذلك أنها نقصها من العلم بالله أمور تممتها لهم الرسل

[العقلاء الحقيقيون و أصحاب القلقة و الجدل و الكلام]

و لا أعني بالعقلاء المتكلمين اليوم في الحكمة و إنما أعني بالعقلاء من كان على طريقتهم من الشغل بنفسه و الرياضات و المجاهدات و الخلوات و التهيؤ لواردات ما يأتيهم في قلوبهم عند صفائها من العالم العلوي الموحى في السموات العلى فهؤلائك أعني بالعقلاء فإن أصحاب اللقلقة و الكلام و الجدل الذين استعملوا أفكارهم في مواد الألفاظ التي صدرت عن الأوائل و غابوا عن الأمر الذي أخذها عنه أولئك الرجال و أما أمثال هؤلاء الذين عندنا اليوم لا قدر لهم عند كل عاقل فإنهم يستهزئون بالدين و يستخفون بعباد اللّٰه و لا يعظم عندهم إلا من هو معهم على مدرجتهم قد استولى على قلوبهم حب الدنيا و طلب الجاه و الرئاسة فأذلهم اللّٰه كما أذلوا العلم و حقرهم و صغرهم و ألجأهم إلى أبواب الملوك و الولاة من الجهال فاذلتهم الملوك و الولاة فأمثال هؤلاء لا يعتبر قولهم فإن قلوبهم قد ختم اللّٰه عليها و فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمىٰ أَبْصٰارَهُمْ مع الدعوى العريضة أنهم أفضل العالم عند نفوسهم فالفقيه المفتي في دين اللّٰه مع قلة ورعه بكل وجه أحسن حالا من هؤلاء فإن صاحب الايمان مع كونه أخذه تقليدا هو أحسن حالا من هؤلاء العقلاء على زعمهم و حاشى العاقل أن يكون بمثل هذه الصفة و قد أدركنا ممن كان على حالهم قليلا و كانوا أعرف الناس بمقدار الرسل و من أعظمهم تبعا لسنن الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم و أشدهم محافظة على سننه عارفين بما ينبغي لجلال الحق من التعظيم عالمين بما خص اللّٰه عباده من النبيين و أتباعهم من الأولياء من العلم بالله من جهة الفيض الإلهي الاختصاصي الخارج عن التعلم المعتاد من الدرس و الاجتهاد ما لا يقدر العقل من حيث فكره أن يصل إليه و لقد سمعت واحدا من أكابرهم و قد رأى مما فتح اللّٰه به علي من العلم به سبحانه من غير نظر و لا قراءة بل من خلوة خلوت بها مع اللّٰه و لم أكن من أهل الطلب فقال الحمد لله الذي أنا في زمان رأيت فيه من آتاه اللّٰه رحمة من عنده و علمه من لدنه علما : فالله يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب السابع و الستون في معرفة لا إله إلا اللّٰه محمد رسول اللّٰه و هو الايمان)



شهد اللّٰه لم يزل أزلا أنه لا إله إلا هو اللّٰه
ثم أملاكه بذا شهدت أنه لا إله إلا هو اللّٰه
و أولو العلم كلهم شهدوا أنه لا إله إلا هو اللّٰه
ثم قال الرسول قولوا معي إنه لا إله إلا هو اللّٰه
أفضل ما قلته و قال به من قبلنا لا إله إلا هو اللّٰه
ما عدا الإنس كلهم شهدوا أنه لا إله إلا هو اللّٰه

[التوحيد من طريق العلم و التوحيد من طريق الخير]

قال اللّٰه جل ثناؤه في كتابه العزيز شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ثم قال إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلاٰمُ و

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدا رسول اللّٰه الحديث فقال سبحانه وَ أُولُوا الْعِلْمِ لم يقل و أولو الايمان فإن شهادته بالتوحيد لنفسه ما هي عن خبر فيكون إيمانا و لهذا الشاهد فيما يشهد به لا يكون إلا عن علم و إلا فلا تصح شهادته ثم إنه عز و جل عطف الملائكة و أولي العلم على نفسه بالواو و هو حرف يعطي الاشتراك و لا اشتراك هنا إلا في الشهادة قطعا ثم أضافهم إلى العلم لا إلى الايمان فعلمنا أنه أراد من حصل له التوحيد من طريق العلم النظري أو الضروري لا من طريق الخبر كأنه يقول

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست