responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 31

>(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

«مقدمة الكتاب»

[مراتب العلوم]

قلنا و ربما وقع عندي أن أجعل في هذا الكتاب أو لا فصلا في العقائد المؤيدة بالأدلة القاطعة و البراهين الساطعة ثم رأيت أن ذلك تشغيب على المتأهب الطالب للمزيد المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود فإن المتأهب إذا لزم الخلوة و الذكر و فرغ المحل من الفكر و قعد فقيرا لا شيء له عند باب ربه حينئذ يمنحه اللّٰه تعالى و يعطيه من العلم به و الأسرار الإلهية و المعارف الربانية التي أثنى اللّٰه سبحانه بها على عبده خضر فقال عَبْداً مِنْ عِبٰادِنٰا آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و قال إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً و قال وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ قيل للجنيد بما نلت ما نلت فقال بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة و قال أبو يزيد أخذتم علمكم ميتا عن ميت و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع اللّٰه و به جلت هبته و عظمت منته من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة بل كل صاحب نظر و برهان ليست له هذه الحالة فإنها وراء النظر العقلي إذ كانت العلوم على ثلاث مراتب(علم العقل)و هو كل علم يحصل لك ضرورة أو عقيب نظر في دليل بشرط العثور على وجه ذلك الدليل و شبهه من جنسه في عالم الفكر الذي يجمع و يختص بهذا الفن من العلوم و لهذا يقولون في النظر منه صحيح و منه فاسد(و العلم الثاني)علم الأحوال و لا سبيل إليها إلا بالذوق فلا يقدر عاقل على أن يحدها و لا يقيم على معرفتها دليلا كالعلم بحلاوة العسل و مرارة الصبر و لذة الجماع و العشق و الوجد و الشوق و ما شاكل هذا النوع من العلوم فهذه علوم من المحال أن يعلمها أحد إلا بأن يتصف بها و يذوقها و شبهها من جنسها في أهل الذوق كمن يغلب على محل طعمه المرة الصفراء فيجد العسل مرا و ليس كذلك فإن الذي باشر محل الطعم إنما هو المرة الصفراء (و العلم الثالث)علوم الأسرار و هو العلم الذي فوق طور العقل و هو علم نفث روح القدس في الروع يختص به النبي و الولي و هو نوعان نوع منه يدرك بالعقل كالعلم الأول من هذه الأقسام لكن هذا العالم به لم يحصل له عن نظر و لكن مرتبة هذا العلم أعطت هذا و النوع الآخر على ضربين ضرب منه يلتحق بالعلم الثاني لكن حاله أشرف و الضرب الآخر من علوم الأخبار و هي التي بدخلها الصدق و الكذب إلا أن يكون المخبر به قد ثبت صدقه عند المخبر و عصمته فيما يخبر به و يقوله كإخبار الأنبياء صلوات اللّٰه عليهم عن اللّٰه كإخبارهم بالجنة و ما فيها

فقوله إن ثم جنة من علم الخبر و

قوله في القيامة إن فيها حوضا أحلى من العسل من علم الأحوال و هو علم الذوق و

قوله كان اللّٰه و لا شيء معه و مثله من علوم العقل المدركة بالنظر فهذا الصنف الثالث الذي هو علم الأسرار العالم به يعلم العلوم كلها و يستغرقها و ليس صاحب تلك العلوم كذلك فلا علم أشرف من هذا العلم المحيط الحاوي على جميع المعلومات و ما بقي إلا أن يكون المخبر به صادقا عند السامعين له معصوما هذا شرطه عند العامة و أما العاقل اللبيب الناصح نفسه فلا يرمي به و لكن يقول هذا جائز عندي أن يكون صدقا أو كذبا و كذلك ينبغي لكل عاقل إذا أتاه بهذه العلوم غير المعصوم و إن كان صادقا في نفس الأمر فيما أخبر به و لكن كما لا يلزم هذا السامع له صدقه لا يلزمه تكذيبه و لكن يتوقف و إن صدقه لم يضره لأنه أتى في خبره بما لا تحيله العقول بل بما تجوزه أو تقف عنده و لا يهد ركنا من أركان الشريعة و لا يبطل أصلا من أصولها فإذا أتى بأمر جوزه العقل و سكت عنه الشارع فلا ينبغي لنا أن نرده أصلا و نحن مخيرون في قبوله فإن كانت حالة المخبر به تقتضي العدالة لم يضرنا قبوله كما نقبل شهادته و نحكم بها في الأموال و الأرواح و إن كان غير عدل في علمنا فننظر فإن كان الذي أخبر به حقا بوجه ما عندنا من الوجوه المصححة قبلناه و إلا تركناه في باب الجائزات و لم نتكلم في قائله بشيء فإنها شهادة مكتوبة نسأل عنها قال تعالى سَتُكْتَبُ شَهٰادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ و أنا أولى من نصح نفسه في ذلك و لو لم يأت هذا المخبر إلا بما جاء به المعصوم فهو حاك لنا ما عندنا من رواية عنه فلا فائدة زادها عندنا بخبره و إنما يأتون رضي اللّٰه عنهم بأسرار و حكم من أسرار الشريعة مما هي خارجة عن قوة الفكر و الكسب و لا تنال أبدا إلا بالمشاهدة و الإلهام و ما شاكل هذه الطرق و من هنا تكون الفائدة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست