responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 308

القهر و له صفة الرحمة و لم يأت بالاسم الرحمن لأنه لا بد من الغضب في ذلك اليوم كما سيرد في هذا الباب و لا بد من الحساب و الإتيان بجهنم و الموازين و هذه كلها ليست من صفات الرحمة المطلقة التي يطلبها الاسم الرحمن غير أنه سبحانه أتى باسم إلهي تكون الرحمة فيه أغلب و هو الاسم الرب فإنه من الإصلاح و التربية فتقوى ما في المالك و السيد من فضل الرحمة على ما فيه من صفة القهر فتسبق رحمته غضبه و يكثر التجاوز عن سيئات أكثر الناس

[ظواهر القيامة و مشاهدها]

فأول ما أبين و أقول ما قال اللّٰه في ذلك اليوم من امتداد الأرض و قبض السماء و سقوطها على الأرض و مجيء الملائكة و مجيء الرب في ذلك اليوم و أين يكون الخلق حين تمد الأرض و تبدل صورتها و تجيء جهنم و ما يكون من شأنها ثم أسوق حديث مواقف القيامة في خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ و حديث الشفاعة اعلم يا أخي أن الناس إذا قاموا من قبورهم على ما سنورده إن شاء اللّٰه و أراد اللّٰه أن يبدل الأرض غير الأرض و تمد الأرض بإذن اللّٰه و يكون الجسر دون الظلمة فيكون الخلق عليه عند ما يبدل اللّٰه الأرض كيف يشاء إما بالصورة و إما بأرض أخرى ما نيم عليها تسمى الساهرة فيمدها سبحانه مد الأديم يقول تعالى وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ و يزيد في سعتها ما شاء أضعاف ما كانت من أحد و عشرين جزءا إلى تسعة و تسعين جزءا حتى لاٰ تَرىٰ فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً ثم إنه سبحانه يقبض السماء إليه فيطويها بيمينه كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ثم يرميها على الأرض التي مدها واهية و هو قوله وَ انْشَقَّتِ السَّمٰاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وٰاهِيَةٌ و يرد الخلق إلى الأرض التي مدها فيقفون منتظرين ما يصنع اللّٰه بهم فإذا وهت السماء نزلت ملائكتها على أرجائها فيرى أهل الأرض خلقا عظيما أضعاف ما هم عليه عددا فيتخيلون إن اللّٰه نزل فيهم لما يرون من عظم المملكة مما لم يشاهدوه من قبل فيقولون أ فيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان ربنا ليس فينا و هو آت فتصطف الملائكة صفا مستديرا على نواحي الأرض محيطين بالعالم الإنس و الجن و هؤلاء هم عمار السماء الدنيا ثم ينزل أهل السماء الثانية بعد ما يقبضها اللّٰه أيضا و يرمي بكوكبها في النار و هو المسمى كاتبا و هم أكثر عددا من السماء الأولى فتقول الخلائق أ فيكم ربنا فتفزع الملائكة من قولهم فيقولون سبحان ربنا ليس هو فينا و هو آت فيفعلون فعل الأولين من الملائكة يصطفون خلفهم صفا ثانيا مستديرا ثم ينزل أهل السماء الثالثة و يرمي بكوكبها المسمى الزهرة في النار و يقبضها اللّٰه بيمينه فتقول الخلائق أ فيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان ربنا ليس هو فينا و هو آت فلا يزال الأمر هكذا سماء بعد سماء حتى ينزل أهل السماء السابعة فيرون خلقا أكثر من جميع من نزل فتقول الخلائق أ فيكم ربنا فتقول الملائكة سُبْحٰانَ رَبِّنٰا قد جاء ربنا و إِنْ كٰانَ وَعْدُ رَبِّنٰا لَمَفْعُولاً

[نزول الرب في ظلل من الغمام]

فيأتي اللّٰه فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمٰامِ وَ الْمَلاٰئِكَةُ و على المجنة اليسرى جهنم و يكون إتيانه إتيان الملك فإنه يقول ملك (مٰالِكِ)يَوْمِ الدِّينِ و هو ذلك اليوم فسمي بالملك و يصطف الملائكة عليهم السلام سبعة صفوف محيطة بالخلائق فإذا أبصر الناس جهنم لها فوران و تغيظ على الجبابرة المتكبرين فيفرون الخلق بأجمعهم منها لعظيم ما يرونه خوفا و فزعا و هو الفزع الأكبر إلا الطائفة التي لاٰ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّٰاهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ هٰذٰا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فهم الآمنون مع النبيين على أنفسهم غير إن النبيين تفزع على أممها للشفقة التي جبلهم اللّٰه عليها للخلق فيقولون في ذلك اليوم سلم سلم و كان اللّٰه قد أمر أن تنصب للآمنين من خلقه منابر من نور متفاضلة بحسب منازلهم في الموقف فيجلسون عليها آمنين مبشرين و ذلك قبل مجيء الرب تعالى فإذا فر الناس خوفا من جهنم و فرقا لعظيم ما يرون من الهول في ذلك اليوم يجدون الملائكة صفوفا لا يتجاوزونهم فتطردهم الملائكة وزعة الملك الحق سبحانه و تعالى إلى المحشر و تناديهم أنبياؤهم ارجعوا ارجعوا فينادي بعضهم بعضا فهو قول اللّٰه تعالى فيما يقول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنٰادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مٰا لَكُمْ مِنَ اللّٰهِ مِنْ عٰاصِمٍ و الرسل تقول اللهم سلم سلم و يخافون أشد الخوف على أممهم و الأمم يخافون على أنفسهم و المطهرون المحفوظون الذين ما تدنست بواطنهم بالشبه المضلة و لا ظواهرهم أيضا بالمخالفات الشرعية آمنون بغبطهم النبيون في الذي هم عليه من الأمن لما هم النبيون عليه من الخوف على أممهم

[نداءات الحق الثلاث يوم الموقف]

فينادي مناد من قبل اللّٰه يسمعه أهل الموقف لا يدرون أو لا أدري هل ذلك نداء الحق سبحانه بنفسه أو نداء عن أمره سبحانه يقول في ذلك النداء يا أهل الموقف ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم فإنه قال لنا يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ تعليما له

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست