responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 305

أجسادا لا يشك فيها و المكاشف يرى في يقظته ما يراه النائم في حال نومه و الميت بعد موته كما يرى في الآخرة صور الأعمال توزن مع كونها أعراضا و يرى الموت كبشا أملح بذبح و الموت نسبة مفارقة عن اجتماع فسبحان من يجهل فلا يعلم و يعلم فلا يجهل لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

[عين الحس و عين الخيال]

و من الناس من يدرك هذا المتخيل بعين الحس و من الناس من يدركه بعين الخيال و أعني في حال اليقظة و أما في النوم فبعين الخيال قطعا فإذا أراد الإنسان أن يفرق في حال يقظته حيث كان في الدنيا أو يوم القيامة فلينظر إلى المتخيل و ليقيده بنظره فإن اختلفت عليه أكوان المنظور إليه لاختلافه في التكوينات و هو لا ينكر أنه ذلك بعينه و لا يقيده النظر عن اختلاف التكوينات فيه كالناظر إلى الحرباء في اختلاف الألوان عليها فذلك عين الخيال بلا شك ما هو عين الحس فأدركت الخيال بعين الخيال لا بعين الحس و قليل من يتفطن إلى هذا ممن يدعي كشف الأرواح النارية و النورية إذا تمثلت لعينه صورا مدركة لا يدري بما أدركها هل بعين الخيال أو بعين الحس و كلاهما أعني الإدراكين بحاسة العين فإنها تعطي الإدراك بعين الخيال و بعين الحس و هو علم دقيق أعني العلم بالفصل بين العينين و بين حاسة العين و عين الحس و إذا أدركت العين المتخيل و لم تغفل عنه و رأته لا تختلف عليه التكوينات و لا رأته في مواضع مختلفات معا في حال واحدة و الذات واحدة لا يشك فيها و لا انتقلت و لا تحولت في أكوان مختلفة فتعلم أنها محسوسة لا متخيلة و أنه أدركها بعين الحس لا بعين الخيال و من هنا يعرف إدراك الإنسان في المنام ربه تعالى و هو منزه عن الصورة و المثال و ضبط الإدراك إياه و تقييده و من هنا تعرف

ما ورد في الخبر الصحيح من كون الباري يتحلى في أدنى صورة من التي رأوه فيها و في تحوله في صورة يعرفونها و قد كانوا أنكروه و تعوذوا منه فيعلم بأي عين تراه فقد أعلمتك أن الخيال يدرك بنفسه نريد بعين الخيال أو يدرك بالبصر و ما الصحيح في ذلك حتى نعتمد عليه و لنا في ذلك

إذا تجلى حبيبي بأي عين أراه
بعينه لا بعيني فما يراه سواه
تنزيها لمقامه و تصديقا بكلامه فإنه القائل لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ و لم يخص دارا من دار بل أرسلها آية مطلقة و مسألة معينة محققة فلا يدركه سواه فبعينه سبحانه أراه في الخبر الصحيح كنت بصره الذي يبصر به فتيقظ أيها الغافل النائم عن مثل هذا و انتبه فلقد فتحت عليك بابا من المعارف لا تصل إليه الأفكار لكن تصل إلى قبوله العقول إما بالعناية الإلهية أو بجلاء القلوب بالذكر و التلاوة فيقبل العقل ما يعطيه التجلي و يعلم أن ذلك خارج عن قوة نفسه من حيث فكره و أن فكره لا يعطيه ذلك أبدا فيشكر اللّٰه تعالى الذي أنشأه نشأة يقبل بها مثل هذا و هي نشأة الرسل و الأنبياء و أهل العناية من الأولياء و ذلك ليعلم أن قبوله أشرف من فكره فتحقق يا أخي بعد هذا من يتجلى لك من خلف هذا الباب فهي مسألة عظيمة حارت فيها الألباب

[النفخ في الصور و النقر في الناقور]

ثم إن الشارع و هو الصادق سمي هذا الباب الذي هو الحضرة البرزخية التي تنتقل إليها بعد الموت و نشهد نفوسنا فيها بالصور و الناقور و الصور هنا جمع صورة بالصاد فينفخ في الصور و ينقر في الناقور و هو هو بعينه و اختلفت عليه الأسماء لاختلاف الأحوال و الصفات و اختلفت الصفات فاختلفت الأسماء فصارت أسماؤه كهو يحار فيها من عادته يفلي الحقائق و لا يرمى منها بشيء فإنه لا يتحقق له أن النقر أصل في وجود اسم الناقور أو الناقور أصل في وجود اسم النقر كمسألة النحوي هل الفعل مشتق من المصدر أو المصدر مشتق من الفعل ثم فارق مسألة النحوي بشيء آخر حتى لا يشبه مسألة النحوي في الاشتقاق بقوله يُنْفَخُ فِي الصُّورِ و لم يقل في المنفوخ فيه فهل كونه صورا أصل في وجود النفخ أو وجود نفخ أصل في وجود اسم الصور و لما ذكر اللّٰه تعديل صورة الإنسان قال وَ نَفَخْتُ فِيهِ و قال في عيسى عليه السلام قبل خلق صورته فَنَفَخْنٰا فِيهٰا مِنْ رُوحِنٰا فظهرت الصورة فوقعت الحيرة ما هو الأصل هل الصورة في وجود النفخ أو النفخ في وجود الصورة فهذا من ذلك القبيل و لا سيما و جبريل عليه السلام في الوقت المذكور في حال التمثل بالبشر و مريم قد تخيلت أنه بشر فهل أدركته بالبصر الحسي أو بعين الخيال فتكون ممن أدرك الخيال بالخيال و إذا كان هذا فينفتح عليك ما هو أعظم و هو هل في قوة الخيال أن يعطي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست