responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 304

الباب و ترجمنا عليه إنما كان ذكر المراتب و قد ذكرناها و بيناها و نبهنا على مواضع يجول فيها نظر الناظر من كتابي هذا من الآيات التي استشهدنا بها في هذا الباب من أوله من أمر اللّٰه إبليس بما ذكر له فهل له من امتثال ذلك الأمر الإلهي أمر يعود عليه منه من حيث ما هو ممتثل أم لا و أشباه هذه التنبيهات إن وفقت لذلك عثرت على علوم جمة إلهية مما يختص بأهل الشقاء و النار و هذا القدر في هذا الباب كاف وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثالث و الستون في معرفة بقاء الناس في البرزخ بين الدنيا و البعث)



بين القيامة و الدنيا لذي نظر مراتب برزخيات لها سور
تحوي على حكم ما قد كان صاحبها قبل الممات عليه اليوم فاعتبروا
لها على الكل أقدام و سلطنة تبدي العجائب لاٰ تُبْقِي وَ لاٰ تَذَرُ
لها مجال رحيب في الوجود بلا تقيد و هي لا عين و لا أثر
تقول للحق كن و الحق خالقها فكيف يخرج عن أحكامها بشر
فيها العلوم و فيها كل قاصمة فيها الدلائل و الإعجاز و العبر
لو لا الخيال لكنا اليوم في عدم و لا انقضى غرض فينا و لا وطر
كان سلطانها إن كنت تعقلها الشرع جاء به و العقل و النظر
من الحروف لها كاف الصفات فما تنفك عن صور إلا أتت صور

[البرزخ:أمر فاصل بين أمرين بلا تطرف]

قولنا كان سلطانها برفع سلطانها أي سلطان الخيال هو عين كان و هو معنى

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم اعبد اللّٰه كأنك تراه فهي خير و سلطانها مبتدأ تقدير الكلام سلطان حضرة الخيال من الألفاظ هو كان اعلم أن البرزخ عبارة عن أمر فاصل بين أمرين لا يكون متطرفا أبدا كالخط الفاصل بين الظل و الشمس و كقوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيٰانِ بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ و معنى لاٰ يَبْغِيٰانِ أي لا يختلط أحدهما بالآخر و إن عجز الحس عن الفصل بينهما و العقل يقضي أن بينهما حاجزا يفصل بينهما فذلك الحاجز المعقول هو البرزخ فإن أدرك بالحس فهو أحد الأمرين ما هو البرزخ و كل أمرين يفتقران إذا تجاورا إلى برزخ ليس هو عين أحدهما و فيه قوة كل واحد منهما و لما كان البرزخ أمرا فاصلا بين معلوم و غير معلوم و بين معدوم و موجود و بين منفي و مثبت و بين معقول و غير معقول سمي برزخا اصطلاحا و هو معقول في نفسه و ليس إلا الخيال فإنك إذا أدركته و كنت عاقلا تعلم أنك أدركت شيئا وجوديا وقع بصرك عليه و تعلم قط ما بدليل أنه ما ثم شيء رأسا و أصلا فما هو هذا الذي أثبت له شيئية وجودية و نفيتها عنه في حال إثباتك إياها

[الخيال كالبرزخ لا موجود و لا معدوم لا معلوم و لا مجهول]

فالخيال لا موجود و لا معدوم و لا معلوم و لا مجهول و لا منفي و لا مثبت كما يدرك الإنسان صورته في المرآة يعلم قطعا أنه أدرك صورته بوجه و يعلم قطعا أنه ما أدرك صورته بوجه لما يرى فيها من الدقة إذا كان جرم المرآة صغيرا و يعلم أن صورته أكبر من التي رأى بما لا يتقارب و إذا كان جرم المرآة كبيرا فيرى صورته في غاية الكبر و يقطع أن صورته أصغر مما رأى و لا يقدر أن ينكر أنه رأى صورته و يعلم أنه ليس في المرآة صورته و لا هي بينه و بين المرآة و لا هو انعكاس شعاع البصرة إلى الصورة المرئية فيها من خارج سواء كانت صورته أو غيرها إذ لو كان كذلك لأدرك الصورة على قدرها و ما هي عليه و في رؤيتها في السيف من الطول أو العرض يتبين لك ما ذكرنا مع علمه أنه رأى صورته بلا شك فليس بصادق و لا كاذب في قوله إنه رأى صورته ما رأى صورته فما تلك الصورة المرئية و أين محلها و ما شأنها فهي منفية ثابتة موجودة معدومة معلومة مجهولة أظهر اللّٰه سبحانه هذه الحقيقة لعبده ضرب مثال ليعلم و يتحقق أنه إذا عجز و حار في درك حقيقة هذا و هو من العالم و لم يحصل عنده علم بحقيقته فهو بخالقها أعجز و أجهل و أشد حيرة و نبهه بذلك أن تجليات الحق له أرق و ألطف معنى من هذا الذي قد حارت العقول فيه و عجزت عن إدراك حقيقته إلى أن بلغ عجزها أن تقول هل لهذا ماهية أو لا ماهية له فإنها لا تلحقه بالعدم المحض و قد أدرك البصر شيئا ما و لا بالوجود المحض و قد علمت أنه ما ثم شيء و لا بالإمكان المحض

[النوم و ما بعد الموت إلى حين البعث و حال المكاشفة]

و إلى مثل هذه الحقيقة يصير الإنسان في نومه و بعد موته فيرى الأعراض صورا قائمة بنفسها تخاطبه و يخاطبها

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست