responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 278

و الأماكن البعيدة من الناس فإن أنست به الوحوش و تألفت به و أنطقها اللّٰه في حقه فكلمته أو لم تكلمه فليعتزل عن الوحوش و الحيوانات و يرغب إلى اللّٰه تعالى في أن لا يشغله بسواه و ليثابر على الذكر الخفي و إن كان من حفاظ القرآن فيكون له منه حزب في كل ليلة يقوم به في صلاته لئلا ينساه و لا يكثر الأوراد و لا الحركات و ليرد اشتغاله إلى قلبه دائما هكذا يكون دأبه و ديدنه

[الصمت]

و أما الصمت فهو أن لا يتكلم مع مخلوق من الوحوش و الحشرات التي لزمته في سياحته أو في موضع عزلته و إن ظهر له أحد من الجن أو من الملإ الأعلى فيغمض عينه عنهم و لا يشغل نفسه بالحديث معهم و إن كلموه فإن تفرض عليه الجواب أجاب بقدر أداء الفرض بغير مزيد و إن لم يتفرض عليه سكت عنهم و اشتغل بنفسه فإنهم إذا رأوه على هذه الحالة اجتنبوه و لم يتعرضوا له و احتجبوا عنه فإنهم قد علموا أنه من شغل مشغولا بالله عن شغله به عاقبه اللّٰه أشد عقوبة و أما صمته في نفسه عن حديث نفسه فلا يحدث نفسه بشيء مما يرجو تحصيله من اللّٰه فيما انقطع إليه فإنه تضييع للوقت فيما ليس بحاصل فإنه من الأماني و إذا عود نفسه بحديث نفسه حال بينه و بين ذكر اللّٰه في قلبه فإن القلب لا يتسع للحديث و الذكر معا فيفوته السبب المطلوب منه في عزلته و صمته و هو ذكر اللّٰه تعالى الذي تتجلى به مرآة قلبه فيحصل له تجلى ربه

[الجوع]

و أما الجوع فهو التقليل من الطعام فلا يتناول منه إلا قدر ما يقيم صلبه لعبادة ربه في صلاة فريضته فإن التنفل في الصلاة قاعدا بما يجده من الضعف لقلة الغذاء أنفع و أفضل و أقوى في تحصيل مراده من اللّٰه من القوة التي تحصل له من الغذاء لأداء النوافل قائما فإن الشبع داع إلى الفضول فإن البطن إذا شبع طغت الجوارح و تصرفت في الفضول من الحركة و النظر و السماع و الكلام و هذه كلها قواطع له عن المقصود

[السهر]

و أما السهر فإن الجوع يولده لقلة الرطوبة و الأبخرة الجالبة للنوم و لا سيما شرب الماء فإنه نوم كله و شهوته كاذبة و فائدة السهر التيقظ للاشتغال مع اللّٰه بما هو بصدده دائما فإنه إذا نام انتقل إلى عالم البرزخ بحسب ما نام عليه لا يزيد فيفوته خير كثير مما لا يعلمه إلا في حال السهر و أنه إذا التزم ذلك سرى السهر إلى عين القلب و انجلى عين البصيرة بملازمة الذكر فيرى من الخير ما شاء اللّٰه تعالى و في حصول هذه الأربعة التي هي أساس المعرفة لأهل اللّٰه و قد اعتنى بها الحارث بن أسد المحاسبي أكثر من غيره و هي معرفة اللّٰه و معرفة النفس و معرفة الدنيا و معرفة الشيطان و قد ذكر بعضهم معرفة الهوى بدلا من معرفة اللّٰه و أنشدوا في ذلك

أني بليت بأربع يرمينني بالنبل من قوس لها توتير
إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى يا رب أنت على الخلاص قدير
و قال الآخر

إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى كيف الخلاص و كلهم أعدائي

[الأعمال الباطنة في طريق اللّٰه]

و أما الخمسة الباطنة فإنه حدثتني المرأة الصالحة مريم بنت محمد بن عبدون بن عبد الرحمن البجائي قالت رأيت في منامي شخصا كان يتعاهدني في وقائعي و ما رأيت له شخصا قط في عالم الحس فقال لها تقصدين الطريق قالت فقلت له إي و اللّٰه أقصد الطريق و لكن لا أدري بما ذا قالت فقال لي بخمسة و هي التوكل و اليقين و الصبر و العزيمة و الصدق فعرضت رؤياها علي فقلت لها هذا مذهب القوم و سيأتي الكلام عليها إن شاء اللّٰه تعالى في داخل الكتاب فإن لها أبوابا تخصها و كذلك الأربعة التي ذكرناها لها أيضا أبواب تخصها في الفصل الثاني من فصول هذا الكتاب وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء السادس و العشرون

(الباب الرابع و الخمسون في معرفة الإشارات)

(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

علم الإشارة تقريب و إبعاد و سيرها فيك تأويب و إسئاد
فابحث عليه فإن اللّٰه صيره لمن يقوم به إفك و إلحاد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست