responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 277

الأصل الأقرب إليه جانب أمه فإنه ابن أمه بلا شك أ لا ترى إلى السنة في تلقين الميت عند حصوله في قبره يقال له يا عبد اللّٰه و يا ابن أمة اللّٰه فينسب إلى أمه سترا من اللّٰه عليها فأضيف إلى أمه لأنها أحق به لظهور نشأته و وجود عينه فهو لأبيه ابن فراش و هو ابن لأمه حقيقة فافهم ما أعطيناك من المعرفة بك في هذا الباب وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الثالث و الخمسون في معرفة ما يلقي المريد على نفسه من الأعمال قبل وجود الشيخ)



إذا لم تلق أستاذا فكن في نعت من لاذا
و قطع نفسه و الليل أفلاذا فافلاذا
و تسبيحا و قرآنا فاسهده بمن حاذى
و أضعفه و أحياه فلما لم يقل ما ذا
فكان له الذي يبغيه تلميذا و أستاذا
و جاءته معارفه زرافات و أفذاذا
فهذا قد أبنت له فلا ينفك عن هذا

[حركات الأفلاك التسع و ما يقابلها من أعمال الباطن و الظاهر]

اعلم أيدك اللّٰه و نورك أنه أول ما يجب على الداخل في هذه الطريقة الإلهية المشروعة طلب الأستاذ حتى يجده و ليعمل في هذه المدة التي يطلب فيها الأستاذ الأعمال التي أذكرها به و هي أن يلزم نفسه تسعة أشياء فإنها بسائط الأعداد فيكون له في التوحيد إذا عمل عليها قدم راسخة و لهذا جعل اللّٰه الأفلاك تسعة أفلاك فانظر ما ظهر من الحكمة الإلهية في حركات هذه التسعة فاجعل منها أربعة في ظاهرك و خمسة في باطنك فالتي في ظاهرك الجوع و السهر و الصمت و العزلة فاثنان فاعلان و هما الجوع و العزلة و اثنان منفعلان و هما السهر و الصمت و أعني بالصمت ترك كلام الناس و الاشتغال بذكر القلب و نطق النفس عن نطق اللسان إلا فيما أوجب اللّٰه عليه مثل قراءة أم القرآن أو مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ في الصلاة و التكبير فيها و ما شرع من التسبيح و الأذكار و الدعاء و التشهد و الصلاة على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إلى أن تسلم منها فتتفرغ لذكر القلب بصمت اللسان فالجوع يتضمن السهر و الصمت تتضمنه العزلة و أما الخمسة الباطنة فهي الصدق و التوكل و الصبر و العزيمة و اليقين فهذه التسعة أمهات الخير تتضمن الخير كله و الطريقة مجموعة فيها فألزمها حتى تجد الشيخ

(وصل شارح) [ذكر الأعمال الظاهرة و الباطنة التي يأخذ بها المريد نفسه]

و أنا أذكر لك من شأن كل واحدة من هذه الخصال ما يحرضك على العمل بها و الدءوب عليها و اللّٰه ينفعنا و إياك و بجعلنا من أهل عنايته و لنبتدئ بالظاهرة أولا و لنقل

[العزلة]

أما العزلة و هي رأس الأربعة المعتبرة التي ذكرناها عند الطائفة أخبرني أخي في اللّٰه تعالى عبد المجيد بن سلمة خطيب مرشانة الزيتون من أعمال إشبيلية من بلاد الأندلس و كان من أهل الجد و الاجتهاد في العبادة فأخبرني سنة ست و ثمانين و خمسمائة قال كنت بمنزلي بمرشانة ليلة من الليالي فقمت إلى حزبي من الليل فبينا أنا واقف في مصلاي و باب الدار و باب البيت علي مغلق و إذا بشخص قد دخل علي و سلم و ما أدري كيف دخل فجزعت منه و أوجزت في صلاتي فلما سلمت قال لي يا عبد المجيد من تأنس بالله لم يجزع ثم نفض الثوب الذي كان تحتي أصلي عليه و رمى به و بسط تحتي حصيرا صغيرا كان عنده و قال لي صل على هذا قال ثم أخذني و خرج بي من الدار ثم من البلد و مشى بي في أرض لا أعرفها و ما كنت أدري أين أنا من أرض اللّٰه فذكرنا اللّٰه تعالى في تلك الأماكن ثم ردني إلى بيتي حيث كنت قال فقلت له يا أخي بما ذا يكون الأبدال أبدالا فقال لي بالأربعة التي ذكرها أبو طالب في القوت ثم سماها لي الجوع و السهر و الصمت و العزلة قلبا ثم قال لي عبد المجيد هذا هو الحصير فصليت عليه و هذا الرجل كان من أكابرهم يقال له معاذ بن أشرس فأما العزلة فهي أن يعتزل المريد كل صفة مذمومة و كل خلق دنيء هذه عزلته في حاله و أما في قلبه فهو أن يعتزل بقلبه عن التعلق بأحد من خلق اللّٰه من أهل و مال و ولد و صاحب و كل ما يحول بينه و بين ذكر ربه بقلبه حتى عن خواطره و لا يكن له هم إلا واحد و هو تعلقه بالله و أما في حسه فعزلته في ابتداء حاله الانقطاع عن الناس و عن المألوفات إما في بيته و إما بالسياحة في أرض اللّٰه فإن كان في مدينة فبحيث لا يعرف و إن لم يكن في مدينة فيلزم السواحل و الجبال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست