responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 231

الاسم على العبد و إن أطلقه الحق عليه فذلك إليه تعالى و يلزم الإنسان عبوديته و ما يختص به من الأسماء التي لم تنطلق قط على الحق لفظا فيما أنزله على نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم فلما أنزل اللّٰه تعالى على عبده محمد صلى اللّٰه عليه و سلم هذه الآية ليعرف الناس بها فكان اللّٰه حكى عن نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم ما لا بد له أن يقوله و يتلفظ به فجعله تعالى قرآنا يتلى إذ كان ذلك من خصائص العبيد في نفس الأمر فقال تعالى إِنَّ وَلِيِّيَ اللّٰهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتٰابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّٰالِحِينَ فشهد له بالصلاح إذا كان الحق حاكيا في هذه الآية و إن كان آمرا فيكون من المشهودين لهم بالصلاح فعرفنا إن اللّٰه تولاه و أخبرنا أن اللّٰه يتولى الصالحين فشهد لنفسه بالصلاح بالوجه الذي ذكرناه و لم ينقل ذلك عن غيره بل نقل ما يقاربه من قول عيسى عليه السلام إِنِّي عَبْدُ اللّٰهِ آتٰانِيَ الْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبٰارَكاً أَيْنَ مٰا كُنْتُ وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ الزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا وَ بَرًّا بِوٰالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّٰاراً شَقِيًّا وَ السَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يقول اللّٰه تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ أي فكذلك أنت فكان من فضله نيل مثل هذا المقام فاحفظ يا ولي نفسك في التخلق بأسماء اللّٰه الحسنى فإن العلماء لم يختلفوا في التخلق بها فإذا وفقت للتخلق بها فلا تغب في ذلك عن شهود آثارها فيك و لتكن فيها و معها بحكم النيابة عنها فتكون مثل اسم الرسول لا تشارك الحق في إطلاق اسم عليك من أسمائه بذلك المعنى و ألزم الأدب وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب التاسع و الثلاثون في معرفة المنزل الذي يحط إليه الولي إذا طرده الحق تعالى من جواره)



إذا حط الولي فليس إلا عروج و ارتقاء في علو
فإن الحق لا تقييد فيه ففي عين النوى عين الدنو
فحال المجتبى في كل حال سمو في سمو في سمو
فلا حكم عليه بكل وجه و لا تأثير فيه للعلو

[التكليف،الخطيئة،العقوبة]

اعلم أيدك اللّٰه بروح منه إن اللّٰه تعالى يقول لإبليس اسجد لآدم فظهر الأمر فيه و قال لآدم و حواء لاٰ تَقْرَبٰا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ فظهر النهي فيهما و التكليف مقسم بين أمر و نهي و هما محمولان على الوجوب حتى تخرجهما عن مقام الوجوب قرينة حال و إن كان مذهبنا فيهما التوقيف فتعين امتثال الأمر و النهي و هذا أول أمر ظهر في العالم الطبيعي و أول نهي و قد أعلمناك أن الخاطر الأول و أن جميع الأوليات لا تكون إلا ربانية و لهذا تصدق و لا تخطئ أبدا و يقطع به صاحبه فسلطانه قوي و لما كان هذا أول أمر و نهي لذلك وقعت العقوبة عند المخالفة و لم يمهل فإذا جاءت الأوامر بالوسائط لم تقو قوة الأول و هي الأوامر الواردة إلينا على ألسنة الرسل و هي على قسمين إما ثوان و هو ما يلقي اللّٰه إلى نبيه في نفسه من غير واسطة الملك فيصل إلينا الأمر الإلهي و قد جاز على حضرة كونية فاكتسب منه حالة لم يكن عليها فإن الأسماء الإلهية تلقته في هذه الحضرة الكونية فشاركته بأحكامها في حكمه و إما أن ينزل عليه بذلك الأمر الملك فيكون الأمر الإلهي قد جاز على حضرتين من الكون جبريل و أي ملك كان و أي نبي كان فيكون فعله و أثره في القوة دون الأول و الثاني فلذلك لم تقع المؤاخذة معجلة فأما إمهال إلى الآخرة و إما غفران فلا يؤاخذ بذلك أبدا و فعل اللّٰه ذلك رحمة بعباده كما أنه تعالى خص النهي بآدم و حواء و النهي ليس بتكليف عملي فإنه يتضمن أمرا عدميا و هو لا تفعل و من حقيقة الممكن أنه لا يفعل فكأنه قيل له لا تفارق أصلك و الأمر ليس كذلك فإنه يتضمن أمرا وجوديا و هو أن يفعل فكأنه قيل له أخرج عن أصلك فالأمر أشق على النفس من النهي إذ كلف الخروج عن أصله فلو أن إبليس لما عصى و لم يسجد لم يقل ما قال من التكبر و الفضيلة التي نسبها إلى نفسه على غيره فخرج عن عبوديته بقدر ذلك فحلت به عقوبة اللّٰه و كانت العقوبة لآدم و حواء لما تكلفا الخروج عن أصلهما و هو الترك و هو أمر عدمي بالأكل و هو أمر وجودي فشرك اللّٰه بين إبليس و آدم و حواء في ضمير واحد و هو كان أشد العقوبة على آدم فقيل لهم اهبطوا بضمير الجماعة و لم يكن الهبوط عقوبة لآدم و حواء و إنما كان عقوبة لإبليس فإن آدم أهبط لصدق الوعد بأن يجعل في الأرض خليفة بعد ما تاب عليه و اجتباه و تلقى الكلمات من ربه بالاعتراف فاعترافه عليه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست