responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 216

العرش و لا إلى السماء الدنيا و لما

أخبر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن اللّٰه يقول في هذا النزول إلى السماء الدنيا هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فاغفر له هل من سائل فأعطيه هل من داع فأجيبه فهذا كله من باب رحمته و لطفه و هذا حقيقة الاسم الرحمن الذي اِسْتَوىٰ عَلَى الْعَرْشِ فنزلت هذه الصفة مع الاسم الرب إلى السماء الدنيا فهو ما أعلمناك به إن كل اسم إلهي يتضمن حكم جميع الأسماء الإلهية من حيث إن المسمى واحد

[نزول الرب من العماء إلى السماء]

فيعلم صاحب هذا المقام من هذا النزول الرباني السماوي ما يختص بالاسم الرحمن منه الذي قال به هل من تائب هل من مستغفر فإن الرحمن يطلب هذا القول بلا شك فهذا حظ ما يعلم صاحب هذا المقام من هذا النزول بلا واسطة و يعلم نزول الرب من العماء إلى السماء بوساطة الاسم الرحمن لأنه ليس للاسم الرب على صاحب هذا المقام سلطان فإنه كما قلنا الاسم الرحمن فلا يعلم من الاسم الرب و لا غيره أمرا إلا بالاسم الرحمن فيعلم عند ذلك بإعلام الرحمن إياه ما أراد الحق بنزوله من العماء إلى السماء على هذا الوجه هي معرفته

[قلب المؤمن عرش الرحمن]

ثم مما يختص بعلمه صاحب هذا المقام بوساطة الاسم الرحمن علم

قول اللّٰه ما وسعني أرضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن فأتى بياء الإضافة في السعة و العبودية فلم يأخذ من اللّٰه إلا قدر ما تعطيه الياء خاصة و يتضمن هذا علمين علما بما فيه من العناية بعبده المؤمن فيأخذه من الاسم الرحمن بذاته و علما بما فيه من سر الإضافة بحرف الياء فيأخذه من اللّٰه بترجمة الاسم الرحمن فيعلم إن للسعة هنا المراد بها الصورة التي خلق الإنسان عليها كأنه يقول ما ظهرت أسمائي كلها إلا في النشأة الإنسانية قال تعالى وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا أي الأسماء الإلهية التي وجدت عنها الأكوان كلها و لم تعطها الملائكة و

قال صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه خلق آدم على صورته و إن كان الضمير عندنا متوجها أن يعود على آدم فيكون فيه رد على بعض النظار من أهل الأفكار و يتوجه أن يعود على اللّٰه لتخلقه بجميع الأسماء الإلهية فعلمت إن هذه السعة إنما قبلها العبد المؤمن لكونه على الصورة كما قبلت المرآة صورة الرائي دون غيرها مما لا صقالة فيه و لا صفاء و لم يكن هذا للسماء لكونها شفافة و لا للأرض لكونها غير مصقولة فدل على إن خلق الإنسان و إن كان عن حركات فلكية هي أبوه و عن عناصر قابلة و هي أمه فإن له من جانب الحق أمرا ما هو في آبائه و لا في أمهاته من ذلك الأمر وسع جلال اللّٰه تعالى إذ لو كان ذلك من قبل أبيه الذي هو السماء أو أمه التي هي الأرض أو منهما لكان السماء و الأرض أولى بأن يسعا الحق ممن تولد عنهما و لا سيما و اللّٰه تعالى يقول لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ يريد في المعنى لا في الجرمية و مع هذا فاختص الإنسان بأمر أعطاه هذه السعة التي ضاق عنها السماء و الأرض فلم تكن له هذه السعة إلا من حيث أمر آخر من اللّٰه فضل به على السماء و الأرض فكل واحد من العالم فاضل مفضول فقد فضل كل واحد من العالم من فضله لحكمة الافتقار و النقص الذي هو عليه كل ما سوى اللّٰه فإن الإنسان إذا زها بهذه السعة و افتخر على الأرض و السماء جاءه قوله تعالى لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ و إذا زهت السماء و الأرض بهذه الآية على الإنسان جاء

قوله ما وسعني أرضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي فأزال عنه هذا العلم ذلك الزهو و الفخر و عنهما و افتقر الكل إلى ربه و انحجب عن زهوه و نفسه و قوله وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ يدل على إن بعض الناس يعلم ذلك و علم هذا من علمه منا من الاسم الرحمن الذي هو له و به تحقق فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً فرحمه عند ما زها بعلم ما فضل به على السماء و الأرض و علم من ذلك أنه ما حصل له من الاسم الرحمن إلا قدر ما كشف له مما فيه دواؤه فإن ذلك الأمر الذي به فضل السماء و الأرض هذا العبد هو أيضا من الاسم الرحمن ما جاد به على هذا العبد

[الإنسان نسخة جامعة]

و لا تقول إن هذا طعن في كونه نسخة من العالم بل هو على الحقيقة نسخة جامعة باعتبار إن فيه شيئا من السماء بوجه ما و من الأرض بوجه ما و من كل شيء بوجه ما لا من جميع الوجوه فإن الإنسان على الحقيقة من جملة المخلوقات لا يقال فيه إنه سماء و لا أرض و لا عرش و لكن يقال فيه إنه يشبه السماء من وجه كذا و الأرض من وجه كذا و العرش من وجه كذا و عنصر النار من وجه كذا و ركن الهواء من وجه كذا و الماء و الأرض و كل شيء في العالم فبهذا الاعتبار يكون نسخة و له اسم الإنسان كما للسماء اسم السماء

[النزول القرآني و التنزل الفرقاني]

و من علوم صاحب هذا المقام نزول القرآن فرقانا لا قرآنا فإذا علمه قرآنا فليس من الاسم الرحمن و إنما الاسم الرحمن ترجم له عن اسم آخر إلهي يتضمنه الاسم الرحمن و أنه نزل في ليلة مباركة و هي ليلة القدر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست