responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 215

في كتاب أو سنة فإنه ينسب إلى هذا الشخص فإن هذا الاسم هو الممد له و ليس لاسم إلهي عليه حكم إلا بوساطة هذا الاسم على أي وجه كان و لهذا نقول إن اللّٰه سبحانه قد أبطن في مواضع رحمته في عذابه و نقمته كالمريض الذي جعل في عذابه بالمرض رحمته به فيما يكفر عنه من الذنوب فهذه رحمة في نقمة و كذلك من انتقم منه في إقامة الحد من قتل أو ضرب فهو عذاب حاضر فيه رحمة باطنة بها ارتفعت عنه المطالبة في الدار الآخرة كما أنه في نعمته في الدنيا من الاسم المنعم أبطن نقمته فهو ينعم الآن بما به يتعذب لبطون العذاب فيه في الدار الآخرة أو في زمان التوبة فإن الإنسان إذا ناب و نظر و فكر فيما تلذذ به من المحرمات تعود تلك الصور المستحضرة عليه عذابا و كان قبل التوبة حين يستحضرها في ذهنه يلتذ بها غاية اللذة فسبحان من أبطن رحمته في عذابه و عذابه في رحمته و نعمته في نقمته و نقمته في نعمته فالمبطون أبدا هو روح العين الظاهرة أي شيء كان فهذا الشخص لما كانت معرفته رحمانية و كان الاسم الرحمن استوى على العرش فقال تعالى اَلرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ كانت همة هذا الشخص عرشية فكما كان العرش للرحمن كانت الهمة لهذه المعرفة محلا لاستوائها فقيل همته عرشية و مقام هذا الشخص باطن الأعراف و هو السور الذي بين أهل السعادة و الشقاوة للاعراف رجال سيذكرون و هم الذين لم تقيدهم صفة كأبي يزيد و غيره و إنما كان مقامه باطن الأعراف لأن معرفته رحمانية و همته عرشية فإن العرش مستوي الرحمن كذلك باطن الأعراف فيه الرحمة كما إن ظاهره فيه العذاب

[الرحمة عرش الذات الإلهية]

فهذا الشخص له رحمة بالموجودات كلها بالعصاة و الكفار و غيرهم

قال تعالى لسيد هذا المقام و هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم حين دعا على رعل و ذكوان و عصية بالعذاب و الانتقام فقال عليك بفلان و فلان و ذكر ما كان منهم قال اللّٰه له إن اللّٰه ما بعثك سبابا و لا لعانا و لكن بعثك رحمة فنهى عن الدعاء عليهم و سبهم و ما يكرهون و أنزل اللّٰه عز و جل عليه وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ فعم العالم أي لترحمهم و تدعوني لهم لا عليهم فيكون عوض قوله لعنهم اللّٰه تاب اللّٰه عليهم و هداهم كما

قال حين جرحوه اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون يريد من كذبه من غير أهل الكتاب و المقلدة من أهل الكتاب لا غيرهم فلهذا قلنا في حق هذا الشخص صاحب هذا المقام إنه رحيم بالعصاة و الكفار فإذا كان حاكما هذا الشخص و أقام الحد أو كان ممن تتعين عليه شهادة في إقامة حد فشهد به أو أقامه فلا يقيمه إلا من باب الرحمة و من الاسم الرحمن في حق المحدود و المشهود عليه لا من باب الانتقام و طلب التشفي لا يقتضيه مقام هذا الاسم فلا يعطيه حاله هذا الشخص قال تعالى في قصة إبراهيم إِنِّي أَخٰافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذٰابٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ

[استوائية العرش و أينية العماء]

و من كان هذا مقامه و معرفته و هذا الاسم الرحمن ينظر إليه فيعاين من الأسرار ذوقا ما بين نسبة الاستواء إلى العرش و ما بين نسبة الأين إلى العماء هل هما على حد واحد أو يختلف و يعلم ما للحق من نعوت الجلال و اللطف معا بين العماء و الاستواء إذ قد كان في العماء و لا عرش فيوصف بالاستواء عليه ثم خلق العرش و استوى عليه بالاسم الرحمن و للعرش حد يتميز به من العماء الذي هو الاسم الرب و للعماء حد يتميز به عن العرش و لا بد من انتقال من صفة إلى صفة فما كان نعته تعالى بين العماء و العرش أو بأي نسبة ظهر بينهما إذ قد تميز كل واحد منهما عن صاحبه بحده و حقيقته كما يتميز العماء الذي فوقه الهواء و تحته الهواء و هو السحاب الرقيق الذي يحمله الهواء الذي تحته و فوقه عن العماء الذي ما فوقه هواء و ما تحته هواء فهو عماء غير محمول فيعلم السامع أن العماء الذي جعل للرب أينية أنه عماء غير محمول ثم جاء قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّٰهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمٰامِ فهل هذا الغمام هو راجع إلى ذلك العماء فيكون العماء حاملا للعرش و يكون العرش مستوي الرحمن فتجمع القيامة بين العماء و العرش أو هو هذا المقام المقصود الذي فوقه هواء و تحته هواء فصاحب هذا المقام يعطي علم ذلك كله

[نزول الرب من العرش إلى سماء الدنيا]

ثم إن صاحب هذا المقام يعطي أيضا من العلوم الإلهية من هذا النوع بالاسم الرحمن نزول الرب إلى سماء الدنيا من العرش يكون هذا النزول أو من العماء فإن العماء إنما

ورد حين وقع السؤال عن الاسم الرب فقيل له أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه فقال كان في عماء ما فوقه هواء و ما تحته هواء فاسم كان المضمر هو ربنا و

قال ينزل ربنا إلى السماء فيدلك هذا على إن نزوله إلى السماء الدنيا من ذلك العماء كما كان استواءه على العرش من ذلك العماء فنسبته إلى السماء الدنيا كنسبته إلى العرش لا فرق فما فارق العرش في نزوله إلى السماء الدنيا و لا فارق العماء في نزوله إلى

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست